وقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾؛ أي قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ: أسِوَى اللهِ أَعْبُدُ رَبّاً وأتَّخِذُ نَاصراً، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ أي خالِقُهُما ومُبْدِعُهُما، قال ابنُ عبَّاس: (مَا كُنْتُ أدْري مَا ﴿ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ حََتَّى أتَانِي أعْرَابيَّان يَخْتَصِمَانِ في بئْرٍ، فَقَالَ أحَدُهُمَا لِصَاحِبهِ: أنا فَطَرْتُهَا، أي ابتْدَأتُهَا، يَعْنِي ابْتَدَأتُ حَفْرَهَا). قَوْلَهُ تَعَالى: ﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾؛ أي يرزقُ ولا يُرزق ولا يُعاوَن على الرِّزق. وقرأ الأعمشُ: (وَلاَ يَطَْعَمُ) بفتحِ الياء؛ أي يرزقُ ولا يَأْكُلُ؛ أي لا يجوزُ عليه الحاجةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾ انخفضَ لأنه نعتٌ لا اسمٌ لله تعالى، ويجوزُ نَصْبُهُ على معنى: أعْنِي فَاطرَ السماوات، ويجوزُ رفعه على إضمار (هُوَ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ﴾؛ أي قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ: إنِّي أمِرْتُ أن أكُونَ أوَّلَ من أخلصَ لله بالتوحيدِ والعبادة من أهلِ هذا الزَّمان. قَوْلُهُ تَعَالىَ: ﴿ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ ﴾؛ لا يجوزُ أن يكونَ عطفاً على قولهِ: ﴿ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ﴾ لأنه غيرُ مأمورٍ بأن يقولَ: ﴿ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ ﴾ وإنَّما هو نَهْيٌ معطوف على أمرٍ من حيثُ المعنى دون اللَّفظ؛ لأنَّ معنى الآيةِ: قِيْلَ لِي كذا: أوَّل من أسلمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكينَ.


الصفحة التالية
Icon