قَوْْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ﴾؛ أي الذين أعطيناهُمْ التوراةَ والإنجيلَ يعرفون مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم بما يجدونَه مكتوباً عندهم من صِفَتِهِ ونَعْتِهِ، كَمَا يَعْرِفُونَ أبْنَاءَهُمْ إذا رأوهم بين الغِلْمَانِ. كما روي في الخبرِ: (أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قالَ لِعَبْدِالله بْنِ سَلاَمٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ؛ أَتَعْرِفُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم كَمَا تَعْرِفُ ابْنَكَ؟ قَالَ: يَا عُمَرُ؛ إنَّ مَعْرِفَتِي بهِ أَشَدُّ مِنْ مَعْرِفَتِي بابْنِي؛ لأنَّ أمِيْنَ السَّمَاءِ - يَعْنِي جِبْرِيْلَ قَدْ جَاءَ بنَعْتِهِ إلَى أمِيْنِ الأَرْضِ وَهُوَ مُوسَى عليه السلام. فَقالَ عُمَرُ: وَكَيْفَ ذلِكَ؟ قَالَ: أشْهَدُ أنَّهُ رَسُولُ اللهِ حَقٌّ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَقََدْ نَعَتَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتابنَا فَعَرَفْتُهُ، وَأَمَّا ابْنِي فَلاَ أدْري مَا أحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدِي. فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَفَّقَكَ اللهُ يَا ابْنَ سَلاَمٍ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾؛ ابتداءُ كلامٍ معناهُ: وَالَّذِينَ غَبَنُوا أنفسَهم بذهاب الدُّنيا والآخرة عنهم، وهم المعاندونَ الذين يعرفون ويَجْحَدُونَ مِنْ رؤساءِ اليهود والنصارَى، فهم لا يُقَرِّونَ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم والقرآنِ.