قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ ﴾؛ أي نُبَيِّنُ بياناً الأَمرَ والنهي فِي الْقُرْآنِ من قبلُ، وكذا نُبَيِّنُ وَنُنَزِّلُ الآياتِ متفرقةً شيئاً بعد شيء. وقولهُ تعالى: ﴿ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾؛ معطوفٌ على مُضْمَرٍ تقديرهُ: لِيَظْهَرَ الْحَقُّ مَن الْبَاطِلِ وَلِتَسْتَبِينَ طريقُ الْمُجْرِمِينَ. وإنَّما لم يقل: سبيلُ المؤمنين؛ لأن في الكلامِ ما يدلُّ عليه؛ لأن معناهُ وَلِتَسْتَبيْنَ سبيلَ المجرمين من سبيلِ المؤمنين. ويقرأ: (وَلِيَسْتَبيْنَ) بالياء؛ لأن السبيلَ يُذكَّرُ ويؤنَّثُ، فَتَمِيْمٌ تُذكِّرُهُ؛ وأهلُ الحجاز تُؤَنِّثُهُ. ودليلُ التذكير قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ ﴾[الأعراف: ٨٦] ولم يقل بها، ودليل التأنيث قَوْلُهُ تَعَالىَ:﴿ قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ ﴾[يوسف: ١٠٨] ولم يقل هذا سبيلِي. وقرأ أهلُ المدينة: (سَبيْلَ) بالنصب على خطاب النبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ معناهُ: وَلِتَعْرِفَ يا مُحَمَّدُ سبيلَ المجرمين؛ فالخطابُ للنبيِِّ صلى الله عليه وسلم والمرادُ به عامَّة المسلمين؛ كأنه ولِتَسْتَبيْنُوا وتزدادوا معرفةً بطريق المجرمين.


الصفحة التالية
Icon