قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ ﴾؛ أي ثم ردَّهُمُ الملائكةُ إلى الموضعِ الذي لا يَمْلِكُ أحدٌ الحكمَ فيه إلا اللهُ تعالى: وقولهُ: ﴿ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ ﴾ أي مَوْلاَهُمُ من كلِّ جهةٍ، فإنهُ يَمْلِكُ خلقَهم وإنشاءَهم وتربيتَهم وإماتتهم وإحياءَهم وضُرَّهم ونفعَهم، وهو الذي دَبَّرَ في الابتداء أمرَهم حيث أنشأهم. ومعنى قولهِ تعالى: ﴿ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ ﴾ أي الذي عِبَادَتُهُ حقٌّ، ويعطي الثوابَ الحقَّ، ويتولَّى العقابَ بالحقِّ، وقيل: إنَّ هذه أرجَى آيةٍ في كتاب اللهِ تعالى؛ لأنه لا مَرَدَّ للعبدِ أحسنُ من مَرَدِّهِ إلى مَوْلاَهُ. قَوْلَهُ تَعَالَىَ: ﴿ أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ ﴾؛ كلمة بَيِّنَةٌ؛ أي اعلمُوا أنَّ بَيِّنَةَ القضاءِ بين العباد يومَ القيامة يحكمُ فيهم ما شاءَ وكيف شاءَ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ ﴾؛ إذا حاسَبَ فحسابهُ يسيرٌ سريعٌ؛ لأنه لا يحاسبُ بحقد ولا يتكلَّمُ بآلةٍ، ولا يَحْجُزُهُ الكلامُ مع بعضِهم عن الكلامِ مع غيرهم، بل يحاسِبُ الجميعَ في دُفعة واحدةٍ. ومعنى الْمُحَاسَبَةِ: تَعْرِيْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ثَوَابٍ أوْ عِقَابٍ؛ حَتَّى رُويَ فِي الْخَبَرِ: أنَّهُ يَكُونُ حِسَابُهُ فِي مِقْدَار حَلْب شَاةٍ.


الصفحة التالية
Icon