وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾؛ أي لا شَكَّ فيه. ونصب ﴿ رَيْبَ ﴾ لتعميمِ النفي؛ ألا ترى أنكَ تقولُ: لا رجلَ في الدار؛ بالنصب، فيكون نفياً عامّاً. وإذا قلتَ: لا رجلٌ في الدار؛ بالرفع، جازَ أن يكون في الدار رجلان أو ثلاثةٌ. قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾؛ نُصب على الحال؛ إما من ﴿ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ ﴾؛ كأنه قالَ: ذلك الكتابُ هادياً. وإما مِن ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ كأنه قال ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ في حالِ هدايته. ويجوزُ أن يكون موضعهُ رفعاً على إضمار (هو)، أو (فيه). فإن قِيلَ: لِمَ خَصَّ المتقين؛ وهو هدًى لهم ولغيرِهم؟ قيلَ: تخصيصُ الشيء بالذكرِ لا يدلُّ على نفي ما عداهُ، وفائدةُ التخصيصِ تشريفُ المتقين، ومثلهُ:﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ ﴾[يس: ١١]﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا ﴾[النازعات: ٤٥].