قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ ﴾؛ معناه: ما ينظرُ أهلُ مكَّة إلا عاقبةَ ما وَعَدَهم اللهُ به في القُرْآنِ أنه كائنٌ، منه ما يكونُ في الدُّنيا؛ ومنهُ ما يكونُ في الآخرةِ. ويقالُ معناه: هل يَنْظُرُونَ إلى ما يَؤُولُ إليه أمرُهم من البعثِ والعذاب وورُودِ النَّار. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ أي يوم يأتِي عاقبةُ ما وُعِدُوا فيه؛ وهو يومُ القيامةِ، يَقُولُ الَّذِينَ كفرُوا وتَرَكُوا العملَ له في دار الدُّنيا: قدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبَنا بالصِّدْق في أمرِ البعثِ بعدَ الموتِ فكذبناهُم.
﴿ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ ﴾؛ أي يقولونَ هذا القولَ حين يَرَوْنَ الشُّفعاءِ يشفعونَ للمؤمنين، فيقال لَهم: ليسَ لكم شَفِيْعٌ، فيقولون: هل نُرَدُّ إلى الدُّنيا فنُصدِّقَ الرسلَ، ونعملَ الأعمالَ الصالحة؟ فذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾.
وجوابُ الاستفهامِ بالفاءِ يكونُ نَصْباً. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ﴾؛ أي غَبَنُوا حَظَّ أنفُسِهم من الجنَّةِ، فَوَرَثَهُمْ المؤمنونَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾؛ أي بَطَلَ عنهم فلم يَنْفَعْهُمْ وذهبَ عنهُم آلِهتُهم؛ وهي التي كانوا يَفْتَرُونَ بها على اللهِ تعالى أنَّها شفعاؤُهم. ويقالُ: معناه: وَضَلَّ عَنْهُمْ حينئذٍ افْتِرَاؤُهُمْ على اللهِ تعالَى.


الصفحة التالية
Icon