قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ ﴾؛ أي ليس بي ذهابٌ عن الحقِّ فيما أدعُوكم إليهِ.
﴿ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴾، أي ولكِنْ أرسلَني ربُّ العالمين الذي يَمْلُكُ كلَّ شيءٍ. وإنَّما لم يقل: ليست بي ضلالةٌ؛ لأنَّ معنى الضلالةِ الضَّلالُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي ﴾؛ أي أؤَدِّي إليكم ما حَمَّلَنِي اللهُ من الرِّسالةِ، وإنَّما قال: ﴿ رِسَالاَتِ ﴾ لأن الرسالةَ تتضمَّنُ أشياءَ كثيرةً من الأمرِ والنَّهي؛ والتَّرغيب والتَّرهيب؛ والوَعْدِ والوعيدِ، فَذُكِرَ تارةً بلفظٍ يدلُّ على الفعل؛ وتارةً بلفظٍ يدلُّ على الوِحْدَانِ. قرأ أبُو عمرٍو: (وَأَبْلِغُكُمْ) بالتخفيف في جميعِ القُرْآنِ كقولهِ تعالى:﴿ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي ﴾[الأعراف: ٧٩]، و﴿ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ ﴾[الجن: ٢٨].
وقرأ الباقونَ مشدَّداً كما قَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾[المائدة: ٦٧].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنصَحُ لَكُمْ ﴾ أي أنْصَحُ لكم فيما أدعُوكم إليه وأحذِّرُكم منه. والنُّصْحُ: إخْرَاجُ الْغِشِّ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، يقالُ: نَصَحْتُهُ وَنَصَحْتُ لَهُ؛ وَشَكَرْتُهُ وَِشَكَرْتُ لَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ أي أعلمُ إنْ لم تَتُوبُوا من الشِّركِ أتاكم العذابُ.


الصفحة التالية
Icon