قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا ﴾؛ أي تِلْكَ الْقُرَى التي أهلكْنَا أهلَها بجُحودِهم لآياتِ الله نَقُصُّ عَلَيْكَ يا مُحَمَّد في القُرْآنِ مِنْ أخبارِها كيفَ أُهْلِكَتْ؛ لِمَا في ذلك من العِبْرَةِ لمن تَدَبَّرَ حالَهم. ﴿ وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ ﴾؛ أي بالْحُجَجِ والبراهين القاطعةِ التي لو اعْتَبَرُوا بها لاهْتَدُوا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ ﴾؛ قال مجاهدُ (مَعْنَاهُ: فَمَا أهْلَكْنَاهُمْ إلاَّ وَقَدْ كَانَ مَعْلُومُنَا أنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ أبَداً). وقال الحسنُ: (مَعْنَاهُ: فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا لِعُتُوِّهِمْ وَتَمَرُّدِهِمْ فِي الْبَاطِل).
﴿ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾؛ أي على قلوب الكافرين بكَ. ومعنى الآيةِ: ﴿ تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ ﴾ أي هَذِهِ القُرَى التي ذكَرْتُ لَكَ يا مُحَمَّدُ أمرَها وأمرَ أهلِها، يعني قُرَى قومِ نُوحٍ وعَادٍ وثَمُودَ، وقومِ لُوطٍ وشُعَيبٍ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ ﴾ قال أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: (مَعْنَاهُ: فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا عِنْدَ مَجِيْئٍ الرُّسُلِ لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ أنَّهُمْ يُكَذِّبُونَ).


الصفحة التالية
Icon