قوله: ﴿ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ ﴾ الضمير عائد على المنافقين، وهو معطوف على قوله:﴿ وَيَِقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ ﴾[النور: ٤٧].
قوله: ﴿ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾ ﴿ جَهْدَ ﴾ منصوب على المفعولية المطلقة. والمعنى جهدوا اليمين جهداً، حذف الفعل واقيم المصدر مقامه، وأضيف إلى المفعول كضرب الرقاب، وهذه الآية نزلت لما قال المنافقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أينما كنت نكن معك، لئن خرجت خرجنا، ولئن أقمت أقمنا، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا. قوله: ﴿ لَيَخْرُجُنَّ ﴾ اللام موطئة للقسم، ويخرجن فعل مضارع مؤكد بالنون، وأصله ليخرجونن، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، فالتقى ساكنان الواو ونون التوكيد، حذفت الواو لالتقائهما، وبقيت الضمة لتدل عليها. قوله: ﴿ طَاعَةٌ ﴾ مبتدأ، و ﴿ مَّعْرُوفَةٌ ﴾ صفته، والخبر محذوف قدره المفسر بقوله: (خير من قسمكم) ويصح أن يكون ﴿ طَاعَةٌ ﴾ خبر المحذوف تقديره أمركم طاعة معروفة، أي الأمر المطلوب منكم طاعة معروفة بالصدق وموافقة الواقع، لا مجرد القول باللسان. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ تعليل لما قبله، والمعنى لا تحلفوا باللسان، مع كون قلوبكم ليس فيها الامتثال والإخلاص، فإن الله مطلع على بواطنكم وظواهركم، لا تخفى عليه خافية. قوله: ﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ شرط حذف جوابه والتقدير فلا ضرر عليه، وقوله: ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ﴾ علة لذلك المحذوف. قوله: ﴿ مَا حُمِّلَ ﴾ أي كلف. قوله: ﴿ تَهْتَدُواْ ﴾ أي تصلوا للرشاد والفوز برضا الله، وهذا راجع لقوله: ﴿ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ ﴾.
وقوله: ﴿ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ راجع لقوله: ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ﴾ على سبيل اللف والنشر المشوش. قوله: (أي التبليغ البين) أي الظاهر وقد أداه، فعليكم أو تؤدوا ما حملتم من الطاعة لله ورسوله.