قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ ﴾ اختلف في الأمر، فقيل للوجوب وقيل للندب، والأمر متعلق بالمخدومين لا بالخدم. وسبب نزول هذه الآية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث غلاماً من الأنصار يقال له مدلج بن عمرو، إلى عمر بن الخطاب ليدعوه، فدعاه فوجده نائماً وقد أغلق عليه الباب، فدق الغلام عليه الباب فناداه ودخل، فاستيقظ عمر فانكشف منه شيء، فقال عمر: وددت أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا أن يدخلوا علينا في هذه الساعات إلا بإذن، ثم انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآية قد نزلت، فخر ساجداً شكراً لله تعالى. قوله: (وعرفوا أمر النساء) أي ميزوا بين العورة وغيرها. قوله: (في ثلاثة أوقات) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ﴾ منصوب على الظرفية. قوله: ﴿ مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْرِ ﴾ أي لأنه وقت القيام من النوم، ولبس ثياب اليقظة. قوله: ﴿ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ ﴾ أي التي تلبس في اليقظة، تضعونها لأجل القيلولة. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ ﴾ أي من أجل الظهيرة، وهي شدة الحر. قوله: ﴿ وَمِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ ﴾ أي لأنه وقت التجرد من الثياب والنوم في الفراش. قوله: (بالرفع) أي وعليه فالوقف على قوله: ﴿ ٱلْعِشَآءِ ﴾.
قوله: (أي هي أوقات) الخ أي فالأصل أوقات ثلاث عورات، حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه. قوله: (وبالنصب) أي وعليه فالوقف على ﴿ لَّكُمْ ﴾ والقراءتان سبعيتان. قوله: (وهي لإلقاء الثياب) مبتدأ، وقوله: (تبدو فيها العورات) خبره. قوله: ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ أي في تمكينكم أياهم من الدخول عليكم. قوله: ﴿ وَلاَ عَلَيْهِمْ ﴾ أي في الدخول لعدم تكليفهم. قوله: (هم) ﴿ طَوَٰفُونَ ﴾ خبر لمحذوف. قوله: ﴿ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر عن قوله: ﴿ بَعْضُكُمْ ﴾ قدر المفسر بقوله: (طائف). قوله: (والجملة مؤكدة لما قبلها) وقيل ليست مؤكدة، لأن المعنى الأطفال والمماليك يطوفون عليكم للخدمة، وأنتم تطوفون عليهم للاستخدام، فلو كلفتم الاستئذان في هذه الأوقات وغيره، لضاق الأمر عليكم، فقوله: ﴿ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ فيه زيادة على ما قبله. قوله: (وآية الاستئذان) أي قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ ﴾ الخ، قوله: (قيل منسوخة) أي لما روي: أن نفراً من العراق قالوا لابن عباس: كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا بها، ولا يعمل بها أحد؟ فقال ابن عباس: إن الله عليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر، وكان الناس ليس لبيوتهم ستورولا حجاب، فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيم الرجل والرجل على أهله. فأمر الله بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالستور والحجب، فلم أر أحداً يعمل بذلك بعد. قوله: (وقيل لا) أي كما روي عن سعيد بن جبير حيث قال: يقولون نسخت، والله ما نسخت ولكن مما تهاون بها الناس. قوله: (ولكن تهاون الناس في ترك الاستئذان) أي لكثرة الغطاء والوطاء، ومع ذلك فالمناسب تعليم الاستئذان في هذه الأوقات للصبيان والمماليك، ليكونوا متخلقين بالأخلاق الجميلة. قوله: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ ﴾ مقابل لقوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ ﴾.
قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي الذين ذكروا في قوله:﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ﴾[النور: ٢٧] الآية. قوله: ﴿ آيَاتِهِ ﴾ أي أحكامه. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ أي بأمور الخلائق، فالذي ينبغي التخلق بأخلاق الشرع، ولا يعول إنسان على ما يعلمه من صيانة حريمه، ويترك آداب الشرع.