قوله: ﴿ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ ﴾ أي نداءه بمعنى لا تنادوه باسمه فتقولوا: يا محمد، ولا بكنيته فتقولوا: يا أبا القاسم، بل نادوه وخاطبوه بالتعظيم والتكريم والتوقير بأن تقولوا: يا رسول الله، يا إمام المسلمين، يا رسول رب العالمين، يا خاتم النبيين، وغير ذلك، واستفيد من الآية أنه لا يجوز نداء النبي بغير ما يفيد التعظيم، لا في حياته ولا بعد وفاته، فبهذا يعلم أن من استخف بجنابه صلى الله عليه وسلم فهو كافر ملعون في الدنيا والآخرة. قوله: (وخفض صوت) أي لقوله تعالى:﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾[الحجرات: ٢] وهذ الآداب كما تكون في حق النبي، تكون في حق حملة شريعته، فينبغي لتلاميذه الأشياخ، أن يفعلوا معهم هذه الآداب ويتخلقوا بها، ليحصل لهم الفتوح والفلاح. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ ﴾ أي يذهبون واحداً بعد واحد، لأن المنافقين كانوا يجتمعون مع الصحابة إذا رقي النبي المنبر، فإذا كثر الناس نظروا يميناً وشمالاً، ويخرجون واحداً بعد واحد، إلى أن يذهبوا جميعاً. قوله: ﴿ لِوَاذاً ﴾ حال من الواو في ﴿ يَتَسَلَّلُونَ ﴾ من التلاوذ، وهو الاستتار، بأن يغمز بضعهم بعضاً بالخروج. قوله: ﴿ فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ ﴾ الخ، مرتب على ما قبله، وضمن ﴿ يُخَالِفُونَ ﴾ معنى يعرضون، فعداه بعن. قوله: ﴿ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾ ﴿ أَن ﴾ وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول يحذر، أي إصابة فتنة. قوله: ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ ﴾ ﴿ أَوْ ﴾ مانعة خلو تجوز الجمع. قوله: ﴿ أَلاۤ إِنَّ للَّهِ ﴾ الخ كالدليل لما قبله. قوله: ﴿ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾ ﴿ قَدْ ﴾ للتحقيق، والمعنى أن الله يعلم الأمر الذي في قلوب المنافقين، من المخالفة والإعراض عن أوامر الله تعالى. قوله: ﴿ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ ﴾ معطوف على ﴿ مَآ ﴾ أي يردون إليه، وهو يوم البعث. قوله: ﴿ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ ﴾ أي يخبرهم بأعمالهم، فيثيبهم على الحسنات، ويعاقبهم على السيئات.


الصفحة التالية
Icon