قوله: ﴿ وَيَوْمَ ﴾ منصوب باذكر، أو معطوف على ﴿ يَوْمَ يَرَوْنَ ﴾ كما تقدم. قوله: ﴿ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ ﴾ هو من باب تعب ونفع. والمعنى أن الكافر حين يرى النار ويسمع تغيظها وزفيرها يعض على يديه، قال عطاء: يأكل الظالم يديه حتى يأكل مرفقيه، ثم ينبتان، ثم يأكلهما، وهكذا كلما نبتت يداه يأكلهما. قوله: (عقبة بن أبي معيط) أشار المفسر بذلك إلى أن الآية نزلت في ظالم خاص، ويقاس عليه كل ظالم، وهو أحد قولين، وقيل نزلت في الظالمين عموماً. قوله: (كان نطق بالشهادتين) الخ،" وذلك أنه صنع طعاماً ودعا الناس اليه، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم الطعام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بآكل طعامك، حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله، ففعل، فأكل رسول الله من طعامه، وكان عقبة صديقاً لأبي ابن خلف، فلما أخبر بذلك قال له: يا عقبة صبأت؟ قال: لا، ولكن دخل علي رجل، فأبى أن يأكل طعامي إلا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم، فشهدت له فطعم، فقال: ما أنا راض عنك حتى تأتيه فتبزق في وجهه، ففعل عقبة، فعاد بزاقه على وجهه فحرقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أراك خارج مكة إلا علوت رأسك بالسيف، فأسر يوم بدر، فأمر علياً فقتله، وطعن النبي أبياً بأحد في المبازر، فرجع إلى مكة ومات "وحكم الآية عام في كل صاحبين اجتمعا على معصي الله تعالى لما روي:" يحشر المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ". قوله: ﴿ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ﴾ الجملة حالية من فاعل ﴿ يَعَضُّ ﴾.
قوله: (للتنبيه) أي وليست للنداء، لأن المنادى شرطه أن يكون اسماً، وليت حرف تمن أو للنداء، والمنادى محذوف أي يا قوم. قوله: (عوض عن ياء الاضافة) أي وأصله ويلتي بكسر التاء وفتح الياء، فتحت التاء فتحركت، وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً، فيقال في إعرابه ويلتا مضاف، والألف مضاف اليه في محل جر، وليس لنا ألف في محل جر، إلا ما كانت عوضاً عن ياء المتكلم. قوله: ﴿ لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً ﴾ فلان كناية عن علم من يعقل من الذكور، وفلانة عن علم من يعقل من الإناث. قوله: ﴿ لَّقَدْ أَضَلَّنِي ﴾ علة لتمنيه، وأكده باللام القسمية، إظهاراً لندمه وتحسره، قوله: (أي القرآن) أي وقيل كلمة الشهادة. قوله: (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ ﴾ الخ، جملة مستأنفة من كلامه تعالى، وكلام الظالم تم عند قوله: ﴿ جَآءَنِي ﴾.
قوله: ﴿ وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ ﴾ أي هو كل عات متمرد صد عن سبيل الله من الجن والإنس. قوله: (بأن يتركه) أي يترك نصره. قوله: ﴿ وَقَالَ ٱلرَّسُولُ ﴾ عطف على قوله:﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ﴾[الفرقان: ٢١] وما بنيهما اعتراض مسوق لاستعظام ما قالوه، وبيان ما يحيق بهم في الآخرة من الأهوال، وهذا القول قيل صدر منه في الدنيا، وعليه يحمل قول المفسر (فاصبر كما صبروا) وقيل سيقع منه في الآخرة حال إقامة الحجة عليهم، ولذا ورد أنه يقول حين يشاهد نزول العذاب بهم سحقاً. قوله: ﴿ مَهْجُوراً ﴾ أي فأعرضوا عنه ولم يؤمنوا به، فهذه الآية وردت في الكفار المعرضين عن القرآن الذين لم يؤمنوا به، لا فيمن حفظه من المؤمنين ثم نسيه، وإن كان يعاتب عليه في الآخرة لما ورد:" من تعلم القرآن وعلق مصحفه، لم يتعاهده ولم ينظر فيه، جاء يوم القيامة متعلقاً به يقول: يا رب عندك هذا اتخذني مهجوراً، اقض بيني وبينه ". قوله: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا ﴾ الخ، شروع في تسليته صلى الله عليه وسلم، والمعنى كما جعلنا قومك يعادونك ويكذبونك، جعلنا لكل نبي عدواً. قوله: ﴿ بِرَبِّكَ ﴾ الباء زائدة في الفاعل. قوله: ﴿ هَادِياً ﴾ أي موصلاً لك إلى الطريق القويم.


الصفحة التالية
Icon