قوله: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ ﴾ شروع في تسليته صلى الله عليه وسلم على مكائد قومه، بذكر بعض قصص الأنبياء على سبيل الإجمال، والمعنى لا تحزن يا محمد، فإن من خالفك وعاندك، يحل به الدمار، كما حل بالمخالف من الأمم المتقدمة. قوله: ﴿ وَجَعَلْنَا مَعَهُ ﴾ معطوف على ﴿ آيَاتِنَا ﴾ والواو لا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً، فإن إتيان موسى التوراة، كان بعد رسالة هارون، وهلاك فرعون وقومه، ويمكن أن يجاب عن الآية، بأن المراد بقوله: ﴿ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ ﴾ قدرنا له أن يأتيه في علمنا، فهو إخبار عما سيحصل، فالماضي بالنسبة لما سبق في علم الله. قوله: ﴿ أَخَاهُ ﴾ مفعول أول لجعلنا، و ﴿ هَارُونَ ﴾ بدل منه، و ﴿ وَزِيراً ﴾ مفعول ثان لجلعنا هارون معيناً لموسى، بوحي مثاله في دعوى القوم إلى التوحيد وإعلاء الكلمة، فهو نبي ورسول بما جاء به موسى، بخلاف وزارة علي للنبي صلى الله عليه وسلم المستفادة من قوله عليه الصلاة والسلام له:" أنت مني بمنزلة هارون من موسى "فالمراد منها مطلق الإعانة لا المشاركة في الاتصاف بالرسالة، فإن من أثبتها لعلي فقد كفر. قوله: ﴿ بِآيَاتِنَا ﴾ أي أدلة توحيدنا لا خصوص التسع. قوله: ﴿ فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً ﴾ عطف على محذوف قدره المفسر بقوله: (فذهبا) الخ. قوله: ﴿ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ ﴾ ﴿ لَّمَّا ﴾ شرطية، وجوابها قوله: ﴿ أَغْرَقْنَاهُمْ ﴾ كما قال المفسر. قوله: (لطول لبثه) دفع بذلك ما يقال: لم جمع الرسل من أنه رسول واحد وهو نوح؟ فأجاب بجوابين: الأول أنه جمعه لطول مدته في قومه، فكأنه رسل متعددة. الثاني أن من كذب رسولاً، فقد كذب بالرسل. قوله: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ ﴾ أي جعلنا هلاكهم وما وقع منهم. قوله: ﴿ لِلظَّالِمِينَ ﴾ وضع الظاهر موضع المضمر، تسجيلاً عليهم بوصف الظلم. قوله: (سوى ما يحل) أي ينزل بهم، وهو بهذا المعنى يضم الحاء وكسرها، بخلاف سائر معانيه، فهو بالكسر لا غير.


الصفحة التالية
Icon