قوله: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ ﴾ ﴿ أَمْ ﴾ منقطعة تفسر ببل، والهمزة والاستفهام فيها إنكاري. قوله: ﴿ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾ استفيد منه أن الأقل سمع وعقل فآمن. قوله: ﴿ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ ﴾ أي في عدم انتفاعهم بالآيات. قوله: ﴿ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ أي لأن الأنعام تنقاد لمن يتعهدها، وتمييز من يحسن اليها ممن يسيء اليها، وتطلب ما ينفعها وتهرب ما يضر بها، وهؤلاء ليسوا كذلك. قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ ﴾ أقام الله سبحانه وتعالى، أدلة محسوسة على انفراده تعالى بالألوهية، وذكر منها خمسة: الأول هذا، والثاني قوله:﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً ﴾[الفرقان: ٤٧]، الثالث قوله:﴿ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ ﴾[الفرقان: ٤٨]، الرابع قوله:﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ ﴾[الفرقان: ٥٣]، الخامس قوله:﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً ﴾[الفرقان: ٥٤]، وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولكل عاقل، فإن من تأمل في تلك الأدلة حق التأمل، عرف أن موجدها فاعل مختار منفرد بالكمال. قوله: (تنظر) أشار بذلك إلى أن الرؤية بصرية، فقوله: ﴿ كَيْفَ ﴾ منصوب بمد على الحال. والمعنى ألم تنظر إلى صنع ربك مد الظل كيف؟ أي على حالة، وقدر المفسر (فعل) إشارة إلى أن المراد رؤية المصنوعات لا رؤية الذات، لأن المقصود نصب الأدلة، ليستدل بها على مؤثرها، فإن كل صنعة لا بد لها من صانع، وإن كان يلزم من التفكر في تلك الأشياء رؤية الله بعين القلب، لأنه لا يغيب عن مخلوقه طرفة عين، ومن هنا قيل: العارف يرى الله في كل شيء، فالآثار كالمرآة للناظر، فمن تأمل فيها رأى مؤثرها، ولا تحجب إلا من سبقت له الشقاوة. قوله: (من وقت الأسفار) الخ، المناسب أن يقول: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، إذ هو أحد أقوال ثلاثة للمفسرين، ثانيها من غروب الشمس إلى طلوعها، ثالثها من طلوع الشمس إلى أن تزول، ومن زوالها إلى غروبها، وأما ما قاله المفسر، فلم يوافقه عليه أحد من المفسرين، وهذا الوقت أعني من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، أطيب الأوقات وأفضلها، ولذا وصفت به الجنة، قال تعالى:﴿ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ﴾[الواقعة: ٣٠] وفيه يجد المريض راحته، والمسافر وكل ذي علة، وفيه ترد أرواح الأموات منهم إلى الأجساد، وطيب نفوس الأحياء، قال أبو العالية: نهار الجنة هكذا، وأشار إلى ساعة يصلون صلاة الفجر. قوله: ﴿ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ﴾ أي ثابتاً مستقراً لا يذهب عن وجه الأرض. قوله: (لا يزول بطلوع الشمس) أي بأن لا تطلع، فلا يزول بأن يستمر الليل مقيماً، أو تطلع من غير ضوء. قوله: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ﴾ أي الشمس دليلاً على الظل ليلاً ونهاراً، فالمراد بالظل ما قابل نور الشمس، وكل من الظل ونور الشمس عرض لقيامه بغير، وأما ذات الشمس فجوهر.