قوله: ﴿ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ﴾ الخ، لما ذكر أحوال المنافقين والكفار وما آل إليه أمرهم، ذكر هنا أوصاف المؤمنين الكاملين، ووصفهم بأوصاف ثمانية، بها تنال المراتب العالية، وإضافتهم اليه تعالى للتشريف، وإلا فكل المخلوقات عباد لله، ويقال إضافتهم له من حيث كونه رحماناً، لكونهم مظهر الرحمة وستختص بهم في الآخرة. قوله: (وما بعده) أي من الموصولات الثمانية التي أولها. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ ﴾ وآخرها قوله:﴿ وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا ﴾[الفرقان: ٧٤].
قوله: (إلى أولئك) أي وهي الخبر كما سيذكره هناك. قوله: (غير المعترض فيه) أي وهو قوله: ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ﴾ إلى قوله: ﴿ مَتاباً ﴾ وهو ثلاث آيات. وحاصل ما ذكره من الأوصاف، أن بعضها متعلق بالخلق، وبعضها متعلق بالخالق. قوله: ﴿ هَوْناً ﴾ هو مصدر هان كقال. قوله: (أي بسكينة) أي تؤدة وتأن. قوله: ﴿ الجَاهِلُونَ ﴾ أي السفهاء. قوله: ﴿ قَالُواْ سَلاَماً ﴾ أي مع القدرة على الانتقام، فالمراد الإغضاء عن السفهاء وترك مقابلتهم في الكلام، وهذا الخلق من أعظم الأخلاق لما في الحديث:" كاد الحليم أن يكون نبياً ". وفي الحديث:" يبلغ الحليم بحلمه ما لا يبلغه الصائم القائم ". والآثار في ذلك كثيرة. قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ ﴾ شروع في ذكر معاملتهم للخالق أثر معاملتهم للخلق، وخص البيتوتة بالذكر، لأن العبادة بالليل أبعد عن الرياء، وفي الحديث:" لا زال جبريل يوصيني بقيام الليل، حتى علمت أن أمتي لا ينامون "وأخر الليل مراعاة للفواصل. قوله: (أي يصلون بالليل) هذا صادق بصلاة العشاء والصبح في جماعة، ولكن كلما كثرت الصلاة بالليل كان خيراً. قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ ﴾ الخ، أي فهم مع حسن المعاملة للخالق وللخلق، ليس عندهم غرور ولا أمن من مكر الله، بل هم خائفون من عذابه، وجلون من هيبته. قوله: ﴿ إِنَّ عَذَابَهَا ﴾ الخ، تعليل لقولهم: ﴿ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ﴾.
قوله: ﴿ كَانَ غَرَاماً ﴾ أي علمه تعالى. قوله: (أي لازماً) أي لزوماً كلياً في حق الكفار، ولزوماً بعده خروج في حق عصاة المؤمنين. قوله: ﴿ إِنَّهَا سَآءَتْ ﴾ الفاعل ضمير مستتر يفسره التمييز المذكور، والمخصوص بالذم محذوف قدره بقوله قوله: ﴿ مُسْتَقَرّاً ﴾ هما بمعنى واحد، وهو الذي يشير اليه المفسر، وقيل مستقراً، لعصاة المؤمنين ومقاماً للكافرين. قوله: (فتح أوله) أي مع كسر التاء وضمها، من باب ضرب ونصر، وقوله: (وضمه) أي مع كسر التاء لا غير، فالقراءات ثلاث سبعيات. قوله: (أي يضيقوا) أي على عيالهم مع يسارهم. قوله: ﴿ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾ هو بمعنى قوله تعالى:﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ ﴾[الإسراء: ٢٩] الآية. قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ﴾ الخ، شروع في بيان اجتنابهم للمعاصي، اثر بيان إتيانهم الطاعات. قوله: ﴿ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ﴾ أي لا يقتلون النفس المحرمة بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق، بأن تكون مستحقة للقتل، كالمرتد والزاني المحصن والقاتل. قوله: (أي واحداً من الثلاثة) في بعض النسخ أي ما ذكر، وهو المناسب لقوله: ﴿ يُضَاعَفْ ﴾ لأن المشرك إذا ارتكب المعاصي مع الشرك تضاعف له العقوبة. قوله: (وفي قراءة يضعف) أي فهما قراءتان سبعيتان، وكل منهما مع جزم الفعل ورفعه، فالقراءات أربع سبيعات. قوله: (بدلاً) أي من يلق بدل اشتمال. قوله: ﴿ مُهَاناً ﴾ أي ذليلاً حقيراً.


الصفحة التالية
Icon