قوله: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي لا يموتون ولا يخرجون. قوله: (وأولئك) أي الواقع مبتدأ، وقوله: (وما بعده) أي قوله: ﴿ يُجْزَوْنَ ﴾ الواقع خبره. قوله: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي ﴾ الخ، لما ذكر أوصاف المؤمنين الكاملين، أفاد أن المدار على تلك الأوصاف التي بها العبادة لله، فلولا العبادة الواقعة من الخلق، لم يكترث بهم ولم يعتد بهم عنده، فإن الإنسان خلق ليعرف ربه ويبعده، وإلا فهو شبيه بالبهائم، قال تعالى:﴿ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾[الذاريات: ٥٦] ففي العبادة يتنافس المتنافسون، وبها يفوز الفائزون. قوله: ﴿ لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ ﴾ (إياه) أشار بذلك إلى أن المصدر مضاف لفاعله. قوله: ﴿ فَسَوْفَ يَكُونُ ﴾ (العذاب) أي الذي دل عليه قوله: ﴿ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ﴾.
قوله: ﴿ لِزَاماً ﴾ مصدر لازم كقاتل قتالاً، والمراد هنا اسم الفاعل، وفي الآية تهديد لكفار مكة. قوله: (فقتل منهم يوم بدر سبعون) الخ، روى الشيخان عن عبد الله بن مسعود قال: خمس قد مضين، الدخان واللزام والروم البطشة والقمر، وقوله خمس أي خمس علامات دالة على قيام الساعة قد وقعن بالفعل، فالدخان هو قوله تعالى:﴿ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾[الدخان: ١٠] والمراد به شيء يشبه الدخان، وقد نزل بقريش من شدة الجوع، صار الواحد يرى كأنه بينه وبين السماء دخاناً، والقمر في قوله تعالى:﴿ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ ﴾[القمر: ١] والروم في قوله تعالى:﴿ غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ ﴾[الروم: ٢-٣] والبطشة في قوله تعالى:﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾[الدخان: ١٦] وهي القتل يوم بدر، واللزام هو الأسر يومها. قوله: (دل عليه ما قبلها) أي وهو قوله: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي ﴾ والتقدير لولا دعاؤكم، أي طلبكم من الله رفع الشدائد، وأنتم تتعلقون بأستار الكعبة، ما يعبأ بكم، أي ما يكترث بكم فلا يرفعها عنكم، وقوله: ﴿ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ﴾ أي دمتم على تكذيبه بعد إخراجه من بينكم، فسوف يكون العذاب لازماً لكم، لا يرد عنكم، ولا يقبل منكم دعاء فتدبر.


الصفحة التالية
Icon