قوله: ﴿ وَنَخْلٍ ﴾ هو اسم جنس جمعي، واحده نخلة، يذكر ويؤنث، وأما النخيل بالياء فمؤنثة اتفاقاً. قوله: ﴿ طَلْعُهَا ﴾ هو ثمرها في أول ما يطلع كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو، وبعده الاغريض، ويسمى خلالاً ثم البلح ثم الزهو ثم البسر ثم الرطب ثم التمر، يجمعها قولك: طاب زبرت، فأطوار النخيل سبعة كأطوار الإنسان، ولذا ورد في الحديث:" أكرموا عماتكم النخل "وأفرد النخل بالذكر لفضله على سائر الأشجار. قوله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً ﴾ أي لطول أعماركم، فإن السقوف والأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارههم، لأن الواحد منهم كان يعيش ثلاثمائة سنة إلى ألف. قوله: (بطرين) أي لنعم ربكم. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (حاذقين) أي ماهرين في العمل. قوله: ﴿ وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴾ الإسناد مجازي في النسبة، والأصل لا تطيعوا المسرفين في أمرهم. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ صفة للمسرفين. قوله: ﴿ وَلاَ يُصْلِحُونَ ﴾ دفع بذلك ما يتوهم أنه يقع منهم الاصلاح في بعض الأوقات. قوله: ﴿ مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ أي فكيف تدعي أنك رسول إلينا. قوله: ﴿ قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ ﴾ الإشارة إليها بعد أن خرجت من الصخرة بدعائه كما طلبوا، عن أبي موسى الأشعري قال: رأيت مبركها فإذا هو ستون ذراعاً في ستين ذراعاً. قوله: ﴿ لَّهَا شِرْبٌ ﴾ الخ، أمرهم صالح بأمرين: الأول قوله: ﴿ لَّهَا شِرْبٌ ﴾ والثاني قوله: ﴿ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ ﴾.
قوله: (نصيب من الماء) أي فهي تشرب منه يوماً، وأنتم تشربون منه يوماً، لا تزاحمكم ولا تزاحموها، وفي يومها تشربون من لبنها. قوله: ﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾ أي يوم الثلاثاء، وأخذهم العذاب يوم السبت، وقد جعل لهم علامة على نزول العذاب بهم، وهو أنهم في اليوم الأول تصفر وجوههم، ثم تحمر في اليوم الثاني، ثم تسود في اليوم الثالث. قوله: (أي عقرها بعضهم) أي وهو قدار، وكان قصيراً أزرق، وكان ابن زنا، ضربها في ساقيها بالسيف. قال السدي وغيره: أوحى الله إلى صالح، أن قومك سيعقرون ناقتك، فقال لهم ذلك، فقالوا: ما كنا لنفعل، فقال لهم صالح: إنه سيولد في شهركم هذا غلام يعقرها، ويكون هلاككم على يديه، فقالوا: لا يولد في هذا الشهر ذكر إلا قتلناه، فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر، فذبحوا أبناءهم، ثم للعاشر فأبى أن يذبح ابنه، وكان لم يولد له قبل ذلك، فكان ابن العاشر أزرق أحمر، فنبت نباتاً سريعاً، فكان إذا مر بالتسعة فرأوه قالوا: لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا، وغضب التسعة على صالح، لأنه كان سبباً لقتلهم أبناءهم، فتعصبوا وتقاسموا بالله لنبيتنه وأهله، فقالوا: نخرج إلى سفر فيرى الناس سفرنا، فنكمن في غار، حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى مسجده، أتيناه فقتلناه ثم قلنا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون، فيصدقون ويعلمون أنا قد خرجنا إلى سفر، وكان صالح لا ينام في القرية، بل كان ينام في المسجد، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم، فلما دخلوا الغار، أرادوا أن يخرجوا، فسقط عليهم الغار فقتلهم، فرأى ذلك ناس ممن كان قد اطلع على ذلك، فصاحوا في القرية: يا عباد الله، أما رضي صالح أنه أمر بقتل أولادهم حتى قتلهم، فاجتمع أهل القرية على عقر الناقة. قوله: ﴿ نَادِمِينَ ﴾ (على عقرها) إن قلت: لم لم يرفع عنهم العذاب بسبب ندمهم؟ أجيب: بأن ندمهم لخوف نزول العذاب فقط، لا توبة منهم. قوله: ﴿ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ حكمة ختم كل قصة في هذه السورة بهذين الاسمين، إشارة إلى أن العذاب النازل بالكفار، لا يغادر منهم أحداً، والرحمة الحاصلة للمؤمنين، لا تغادر منهم أحداً، فكل من مظهر الاسمين ظهر في مستحقه.