قوله: ﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ ﴾ أي فكانوا إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ومن جملة بخسهم أنهم ينقصون الدراهم والدنانير. قوله: (وغيره) أي كقطع الطريق. قوله: (لمعنى عاملها) أي ولفظهما مختلف. قوله: ﴿ وَٱلْجِبِلَّةَ ﴾ بكسر الجيم والباء وتشديد اللام، أي الجماعة والأمم المتقدمة الذين كانوا على خلقة وطبيعة عظيمة، كأنها الجبال قوة وصلابة، وهذه قراءة العامة، وقرئ شذوذاً بضم الجيم والباء وتشديد اللام، وبفتح الجيم أو كسرها مع سكون الباء. قوله: ﴿ وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ أتى بالواو هنا دون قصة صالح مبالغة في تكذيبه، لأنه عند دخول الواو، يكون كل من الأمرين التسحير والبشرية مقصوداً بخلاف تركها، فلم يقصد إلا التسحير والثاني دليل له، قوله: (مخففة من الثقيلة) المناسب أن يقول مهملة لا عمل لها، لأن المكسورة إذا خففت قل عملها، والأولى حمل القرآن على الكثير. قوله: (بسكون السين وفتحها) قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ استمروا على تكذيبه. قوله: ﴿ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ ﴾ روي أن الله تعالى فتح عليهم باباً من أبواب جهنم، وأرسل عليهم حراً شديداً، فأخذ بأنفاسهم، فدخلوا بيوتهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء، فأنضجهم الحر فخرجوا، فأرسل الله تعالى سحابة فأظلتهم، فوجدوا لها برداً وروحاً وريحاً طيبة، فنادى بعضهم بعضاً، فلما اجتمعوا تحت سحابة، ألهبها الله عليهم ناراً، ورجفت بهم الأرض، فاحترقوا كما يحترق الجواد المقلي، فصاروا رماداً، وهذا العذاب الذي حل بهم، هو الذي طلبوه تهكماً بشعيب بقولهم: فأسقط علينا كسفاً من السماء. قوله: (أصابهم) أي سبعة أيام، ثم لجوا إلى السحابة بعد السبعة الأيام. قوله: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ شروع في مدح القرآن ومن أنزله والمنزل عليه، والمعنى أن هذا القرآن منزل من عند الله تعالى، ليس بشعر ولا بسحر ولا كهانة كما يزعمون. قوله: ﴿ نَزَلَ بِهِ ﴾ الباء للملابسة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال كأنه قال: نزل في حال ملابسة له على حد خرج زيد بثيابه. قوله: ﴿ عَلَىٰ قَلْبِكَ ﴾ خص بالذكر لأنه سلطان الأعضاء، فكل شيء وصل للقلب وصل لسائر الأعضاء، ففي الحديث:" ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، ألا وهي القلب "فحيث نزل على قبله، فقد تمكن من سائر بدنه، فلا يطرأ عليه بعد ذلك نسيان، ولذا ورد: أنه كان إذا نزل عليه جبريل بالآية، يريد أن يقرأها بلسانه قبل أن يتلوها جبريل عليه ظاهراً، حتى أمر بعدم الاستعجال بالقراءة، قال تعالى:﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾[القيامة: ١٦].
قوله: ﴿ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ ﴾ أي ومن المبشرين. قوله: ﴿ بِلِسَانٍ ﴾ يصح أن يكون بدلاً من قوله بإعادة الجار، ويصح أن يكون متعلقاً بالمنذرين، والمعنى لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان العربي وهم: هود وصالح وشعيب وإسماعيل عليهم الصلاة والسلام. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية. قوله: (أي ذكر القرآن) دفع بذلك ما يقال: إن ظاهر الآية أن القرآن نفسه ثابت في سائر الكتب، مع أنه ليس كذلك، والمراد بذكره نعته والإخبار عنه، بأنه ينزل على محمد، وأنه صدق وحق.


الصفحة التالية
Icon