قوله: ﴿ وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ ﴾ أي قرب وقوعه، وإنما عبر بالماضي لحصوله في علم الله، لأن الماضي والحال والاستقبال في علم الله واحد لإحاطته بها، والمراد بالقول: مواعيد القرآن بالفضائح والخزي والعذاب الدائم وغير ذلك للكفار. قوله: (حق العذاب) تفسير لوقع والمعنى قرب نزوله بهم. قوله: ﴿ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ ﴾ أي وهي الجساسة، ورد في الحديث:" أن طولها ستون ذراعاً بذراع آدم عليه السلام، لا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب "وروي أن لها أربع قوائم، ولها زغب وريش وجناحان، وعن ابن جريج في وصفها: رأس ثور، وعين خنزير، وأذن فيل، وقرن إيل، وعنق نعامة، وصدر أسد، ولون نمر، وخاصرة هرة، وذنب كبش، وخف بعير، وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعاً بذراع آدم عليه السلام. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: فيها كل لون ما بين قرنيها فرسخ للراكب وعن علي رضي الله عنه: أنها تخرج بعد ثلاثة أيام والناس ينظرون، فلا يخرج كل يوم إلا ثلثها." وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل من أين تخرج الدابة، فقال: من أعظم المساجد حرمة على الله تعالى، يعني المسجد الحرام ". وروي أنها تخرج ثلاث خرجات، تخرج بأقصى اليمن ثم تكمن ثم تخرج بالبادية ثم تكمن دهراً طويلاً، فبينما الناس في أعظم المساجد حرمة على الله تعالى وأكرمها، فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن، حذاء دار بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد. وقيل تخرج من الصفا لما روي: بينما عيسى عليه السلام يطوف بالبيت معه المسلمون، إذ تضطرب الأرض تحتهم، أي تتحرك تحرك القنديل، وتنشق الصفا مما يلي المسعى، فتخرج الدابة من الصفا، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما الصلاة والسلام، فتضرب المؤمن في مسجده بالعصا، فتنكت نكتة بيضاء، فتفشو حتى يضيء بها وجهه، وتكتب بين عينيه مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه، فتفشو النكتة حتى يسود بها وجهه، وتكتب بين عينيه كافر، ثم تقول لهم: أنت يا فلان من أهل الجنة وأنت يا فلان من أهل النار، وروي أن أول الآيات خروجاً، طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيتهما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على أثرها، واختلف أيضاً في تعيين هذه الدابة فقيل: هي فصيل ناقة صالح، وهو أصح الأقوال، فإنه لما عقرت أمه هرب، فانفتح له حجر فدخل في جوفه، ثم انطبق عليه الحجر، فهو فيه حتى يخرج بإذن الله عز وجل، وقيل غير ذلك. قوله: (تقول لهم) تفسير لتكلمهم. قوله: (عتا) متعلق بمحذوف، أي حال كونها حاكية وناقلة لما تقول: (عنا) بأن تقول: قال الله: ﴿ أَنَّ ٱلنَّاسَ ﴾ الخ. قوله: (أي كفار مكة) المناسب حمل الناس على الموجودين وقت خروجها من الكفار. قوله: (وعلى قراءة فتح همزة أن تقدر الباء) أي للتعدية أو للسببية، وأما على قراءة الكسر، فهو مستأنف من كلامه تعالى تقوله الدابة على سبيل الحكاية والنقل، والقراءتان سبعيتان: قوله: (ينقطع الأمر بالمعروف الخ) أي لعدم إفادة ذلك، لأنه في ذات الوقت يظهر المؤمن والكافر عياناً بوسم الدابة، فمن وسمته بالكفر لا يمكن تغييره، فحينئذٍ لا ينفع أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، ووجد في بعض النسخ، ولا يبقى منيب ولا تائب ولا يؤمن كافر، أي لا يوجد في هذا الوقت من يتوب إلى الله أي يرجع إليه، ولا تقبل توبة تائب من العصاة ولا إيمان كافر. قوله: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ ﴾ أي الحشر الخاص بهم للعذاب، بعد انفضاض الحشر العام لجميع الخلق. قوله: ﴿ مِن كُلِّ أُمَّةٍ ﴾ ﴿ مِن ﴾ تبعيضية، وقوله: ﴿ مِّمَّن يُكَذِّبُ ﴾ بيانية للفوج. قوله: ﴿ فَوْجاً ﴾ الفوج في الأصل الجماعة المارة المسرعة، ثم أطلق على الجماعة مطلقاً. قوله: (رؤساؤهم) أي كأبي جهل وأبيّ بن خلف وفرعون وقارون والنمروذ وغيرهم من رؤساء الضلال، فكل رؤساء زمن نحشرهم على حدة. قوله: (يرد آخرهم إلى أولهم) المناسب أن يقول: يرد أولهم على آخرهم، أي يحبس أولهم ويوقف حتى يأتي آخرهم، ويجتمعون حتى يساقون.