قوله: ﴿ كَيْ تَقَرَّ ﴾ أي تبرد وتسكن من ألم الفراق. قوله: ﴿ وَلاَ تَحْزَنَ ﴾ عطف على ﴿ تَقَرَّ ﴾ منصوب بأن مضمرة بعد ﴿ كَيْ ﴾.
قوله: (فمكث عندها إلى أن فطمته) أي وهو سنتان. قوله: (وأخذتها لأنها مال حربي) جواب عما يقال: كيف جاز لها أن تأخذ أجرة منه على إرضاع ولدها؟ قوله: (أو ثلاث) أو لتنويع الخلاف. قول: (أي بلغ أربعين سنة) المناسب أن يقول أي كمل عقله وانتهى شبابه، لأن موسى أقام في مصر ثلاثين سنة، ثم ذهب إلى مدين وأقام فيها عشر سنين، ووقعة قتل القبطي كانت قبل ذهابه لمدين، فهي السبب فيه. قوله: (كما جزيناه) أي مثل ذلك الذي فعلناه بموسى وأمه، نجزي المحسنين على إحسانهم. قوله: (منف) بضم فسكون ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث أو العجمة، وهي من أعمال مصر، وقيل هي قرية يقال لها أم خنان على فرسخين من مصر، وقيل هي مدينة عين الشمس، وقيل هي مصر. قوله: (وقت القيلولة) وقيل بين المغرب والعشاء، وسبب دخوله المدينة في ذلك الوقت، أن موسى كان يسمى ابن فرعون، وكان يركب مراكبه، ويلبس لباسه، فركب فرعون يوماً وكان موسى غائباً، فلما قدم قيل له: إن فرعون قد ركب، فركب موسى في أثره، فأدركه المقيل في أرض منف، فدخلها ليس في طرقها أحد. قوله: ﴿ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ﴾ أي وكان طباخاً لفرعون واسمه فليثون، وأراد أن يسخر الإسرائيلي لحمل الحطب. قوله: ﴿ فَٱسْتَغَاثَهُ ﴾ أي طلب غوثه ونصره. قوله: (أن أحمله) أي الحطب. قوله: ﴿ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ ﴾ أي دفعه يجمع كفه، وأما اللكز فهو الضرب بأطراف الأصابع قوله: (بجمع كفه) أي بكفه مجموعة، فهو من إضافة الصفة للموصوف. ، قوله: ﴿ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ﴾ أي أوقع عليه القضاء وهو الموت. قوله: (ولم يكن قصد قتله) جواب عما يقال: كيف تجرأ على قتل القبطي؟ وحاصل إيضاح الجواب: أن قتله كان خطأ، وقد يقال: قتله من باب دفع الصائل وهو واجب، والاستغفار من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله: ﴿ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ ﴾ نسبته للشيطان من حيث إنه لم يؤمر بقتل القبطي، وظهر له أن قتله خلاف الأولى، لما يترتب عليه من الفتن، والشيطان تفرحه الفتن. قوله: ﴿ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾ الحق أن هذا تواضع منه، وحسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله: (بحق إنعامك) ﴿ عَلَيَّ ﴾ أشار بهذا إلى أن ما مصدرية، والكلام على حذف مضاف، وأشار بقوله: (اعصمني) إلى أن الباء متعلقة بمقدر هو هذا، وقوله: ﴿ فَلَنْ أَكُونَ ﴾ جواب شرط قدره بقوله: (إن عصمتني) وأراد بمظاهرة المجرمين صحبة فرعون وانتظامه في جماعته وتكثير سواده. قوله: ﴿ فَإِذَا ٱلَّذِي ﴾ إذا فجائية، و ﴿ ٱلَّذِي ﴾ مبتدأ نعت لمحذوف أي فإذا الإسرائيلي الذي. و ﴿ ٱسْتَنْصَرَهُ ﴾ صلته، و ﴿ يَسْتَصْرِخُهُ ﴾ خبر المبتدإ. قوله: (على قبطي آخر) أي يريد أن يستخدمه، والاستصراخ الاستغاثة، وسميت بذلك لأن المستغيث يصوت ويصرخ في طلب الغوث. قوله: ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ ﴾ قال ابن عباس: إن القبط قالوا لفرعون: إن بني إسرائيل قتلوا منا رجلاً فخذ لنا بحقنا، فقال: اطلبوا قاتله ومن يشهد عليه، فبينما هم يطوفون لا يجدون بينة، إذ مر موسى من الغد، فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونياً آخر، فاستغاثه على الفرعوني، وكان موسى قد ندم على ما كان منه بالأمس من قتل القبطي، فقال الإسرائيلي: ﴿ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴾.
قوله: (لما فعلته أمس واليوم) أي حيث قاتلت بالأمس رجلاً، فقتلته بسببك، وتقاتل اليوم آخر وتستغيثني عليه. قوله: ﴿ فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ ﴾ الخ، وذلك أن موسى أخذته الغيرة والرقة على الإسرائيلي، فمد يده ليبطش بالقبطي، فظن الإسرائيلي أنه يريد أن يبطش به هو، لما رأى من غضبه وسمع من قوله: ﴿ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴾ قال: ﴿ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ ﴾ الخ. قوله: ﴿ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ ﴾ الجبار هو الذي يقتل ويضرب ويتعاظم، ولا ينظر في العواقب. قوله: ﴿ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ ﴾ أي بين الناس. قوله: (هو مؤمن آل فرعون) هو ابن عم فرعون واسمه حزقيل، وقيل شمعون، وقيل سمعان، وهو الذي ذكر في قوله تعالى:﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾[غافر: ٢٨].
قوله: ﴿ يَسْعَىٰ ﴾ صفة لرجل أو حال منه، لوجود المخصص قبله. قوله: (يتشاورون فيك) أي يأمر بعضهم بعضاً بقتلك. قوله: (أو غوث الله إياه) أو مانعة خلو تجوز الجمع.