قوله: ﴿ لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلآخِرَةِ ﴾ أي هو مستحق للثناء بالجميل في الدنيا والجنة، لأنه لا معطي للنعم فيهما، إلا هو سبحانه تعالى، فالمؤمنون يحمدونه في الجنة بقولهم: الحمد لله الذي صدقنا وعده، الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، كما حمدوه في الدنيا، لكن الحمد لله في الدنيا مكلفون به، وأما في الآخرة فهو تلذذ لانقطاع التكليف بالموت. قال العلماء: لا ينبغي لأحد أن يقدم على أمر من أمور الدنيا والآخرة، حتة يسأل الله تعالى الخيرة في ذلك، وذلك بأن يصلي ركعتين صلاة الاستخارة، يقرأ في الركعة الأولى بعد أم القرآن ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ﴾ الآية، وفي الثانية﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾[الأحزاب: ٣٦] الآية، ثم يدعو بالدعاء الوارد في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول:" إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال: ويسمي حاجته ". وروي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:" يا أنس إذا هممت بأمر، فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى ما يسبق إلى قلبك واعلمه، فإن الخير فيه "انتهى، فإن لم يكن يحفظ الشخص هاتين الآيتين فليقرأ﴿ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ ﴾[الكافرون: ١] والإخلاص، فإن لم يكن يحفظ هذا الدعاء فليقرأ: اللهم خر لي، واختر لي، كما روي عن عائشة عن أبي بكر رضي الله عنهما. واعلم أن هذه الكيفية هي الواردة في الحديث الصحيح، وأما الاستخارة بالمنام أو بالمصحف أو السبحة، فليس وارداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا كرهه العلماء وقالوا: إنه نوع من الطيرة. قوله: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ ﴾ الخ ﴿ أَرَأَيْتُمْ ٱللَّهُ ﴾، و ﴿ جَعَلَ ﴾ تنازعاً في الليل، أعمل الثاني واضمر في الأول وحذف، وهو مفعوله الأول، ومفعوله الثاني جملة الاستفهام بعده، و ﴿ إِن ﴾ حرف شرط، و ﴿ جَعَلَ ﴾ فعل الشرط، و ﴿ ٱللَّهُ ﴾ فاعله، و ﴿ ٱلْلَّيْلَ ﴾ مفعول أول، و ﴿ سَرْمَداً ﴾ مفعول ثان، وجواب الشرط محذوف تقديره ماذا تفعلون، وتقدم الكلام على نظيرتها في الأنعام. قوله: ﴿ سَرْمَداً ﴾ من السرد وهو المتابعة والاطراد. قوله: (دائماً) أي بأن يسكن الشمس تحت الأرض. قوله: ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ متعلق بجعل. قوله: ﴿ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ ﴾ (بزعمكم) دفع بذلك ما يقال: إن المقام لها لأنها لطلب التصديق، لا من التي لطلب التعيين، لأنه يوهم وجود آلهة غيره تعالى، فأجاب: بأنه مجاراة للمشركين في زعمهم وجود آلهة معه. قوله: (سماع تفهم) أي تدبر واعتبار، لأن مجرد الإبصار لا يفيد. قوله: ﴿ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً ﴾ أي بأن يسكن الشمس في وسط السماء. قوله: ﴿ وَمِن رَّحْمَتِهِ ﴾ أي تفضله وإحسانه. قوله: ﴿ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ ﴾ الخ، أي لأن المرء في الدنيا، لا بد وأن يحصل له التعب، ليحصل ما يحتاج إليه في معاشه، فجعل الله له محل تكسب وهو النهار، ومحل راحة وسكون ليستريح من ذلك التعب وهو الليل. قوله: ﴿ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾ استفيد من الآية مدح السعي في طلب الرزق لما ورد: الكاسب حبيب الله. قوله: (ذكر ثانياً ليبنى عليه) ﴿ وَنَزَعْنَا ﴾ الخ، أي وإشارة إلى أن الشرك أمره عظيم، لا شيء أجلب منه لغضب الله، كما أن التوحيد عظيم، لا شيء أجلب منه لرضا الله. قوله: (يشهد عليهم بما قالوا) أي وأمة محمد يشهدون للأنبياء بالتبليغ، وعلى الأمم بالتكذيب. قوله: ﴿ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ ﴾ أي التوحيد لله خاصة لا لغيره. قوله: (من أن معه شريكاً) بيان لما.