قوله: ﴿ مَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ ﴾ أي يعتقد ويجزم بأنه يلاقي الله، فيرجو رحمته، ويخاف عقابه، وهذا التفسير أتم مما قاله المفسر، لأن المؤمن المصدق بلقاء الله، لا بد له من الرجاء والخوف معاً، ويؤيد ما قلناه جواب الشرط الذي قدره بقوله: (فليستعد له) أي يتهيأ ويستحضر للرحمة والنجاة من العذاب. قوله: ﴿ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ ﴾ ليس هذا هو جواب الشرط، وإلا لزم أن من لا يرجو لقاء الله، لا يكون أجل الله آتياً له، بل الجواب ما قدره المفسر. قوله: (بأفعالهم) أي وعقائدهم قوله: (جهاد حرب) أي وهو الجهاد الأصغر، وقوله: (أو نفس) أي وهو الجهاد الأكبر، وذلك أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم والنفس أخته، ولا تغيب عن الإنسان أبداً، وهي خفية تظهر المحبة لصاحبها، بخلاف العدو من الكفار، وأيضاً إذا قتله الكافر كان شهيداً، وأما إذا قتلته نفسه، فإما عاص أو كافر، فلا شك أن جهاد النفس، أكبر من جهاد الكفر، ولذا ورد في الحديث أنه قال بعد رجوعه من الجهاد:" رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " قيل: يا رسول الله، وأي جهاد أكبر من هذا؟ قال: " جهاد النفس والشيطان ". قوله: ﴿ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ﴾ أي فلا تمنوا بطاعتكم وخدمتكم على ربكم فالفضل له في توفيقكم لعبادته، فالحصر إضافي فلا ينافي أنه ينتفع غيره بجهاده، كما ينتفع الآباء بصلاح الأولاد، فالمقصود نفي النفع عن الله لاستحالته عليه. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ أي فلا يصل منهم نفع ولا ضر لما في الحديث القدسي:" يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك من ملكي شيئاً ". قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ الخ، مبتدأ خبره الجملة القسمية، وهذا وعد حسن للمتصفين بالإيمان. قوله: ﴿ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾ أي لا نؤاخذهم بها، وهذا ظاهر في غير المعصومين، وأما المعصومون فلا سيئات لهم، فما معنى تكفيرها؟ أجيب: بأن الكلام على الفرض والتقدير، يعني لو وجدت منهم سيئات تكفر، أو المراد بالسيئات خلاف الأولى على حسب مقامهم، ومن هنا قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين، قوله: (بمعنى حسن) أي فاسم التفضيل ليس على بابه، لأنه يوهم أنهم يجازون على الأحسن لا على الحسن، وقد يقال: المراد بالأحسن الثواب الواقع في مقابلة الأعمال الصالحة، فالمعنى عليه حينئذ تضاعف لهم الثواب في نظير أعمالهم الصالحة فتأمل.