قوله: ﴿ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ﴾ الصعر بفتحتين في الأصل، داء يصيب البعير يلوي عنقه، ثم استعمل في ميل العنق وانقلاب الوجه إلى أحد الشدقين، لأجل الفخر على الناس، والمراد لا تتكبر فتحتقر الناس، ولا تعرض عنهم بوجهك إذا كلموك. قوله: (وفي قراءة تصاعر) أي وهما سبعيتان ومعناهما واحد. قوله: (أي خيلاء) أي عجباً وتكبراً، قال تعالى:﴿ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً ﴾[الإسراء: ٣٧].
قوله: ﴿ فَخُورٍ ﴾ (على الناس) أي لظنه أن نعمة الله أصبغت عليه لاستحقاقه إياها، فتكبر بها على الناس. قوله: ﴿ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ لما أمره أولاً بحسن الباطن، أمره ثانياً بحسن الظاهر، ليجمع له في وصيته بين كمال الظاهر والباطن. قوله: (بين الدبيب) أي وهو ضعيف المشي جداً، قال الشاعر: زعمتني شيخاً ولست بشيخ   إنما الشيخ من يدب دبيباقوله: (والإسراع) أي وهي قوة المشي وهي مذمومة لما ورد: سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن. إن قلت: ورد في الحديث: كنا نجهد أنفسنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقتضي أنه كان يسرع في مشيه. أجيب بأنه صلى الله عليه وسلم في نفسه مشية متوسطة، وبالنسبة للصحابة هو أعلى مشياً منهم، لما في الحديث المقتدم: وهو غير مكترث كأن الأرض تطوى له. قوله: ﴿ مِن صَوْتِكَ ﴾ يحتمل أن ﴿ مِن ﴾ تبعيضية، أو الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لمحذوف، أي شيئاً من صوتك. قوله: ﴿ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ ﴾ أي هذا الجنس لما فيه من العلو المفرط من غير حاجة، فإن كل حيوان يصيح من ثقل أو تعب أو غير ذلك، والحمار يصيح لغير سبب، وصياح كل شيء تسبيح لله تعالى، إلا الحمار. إن قلت: إن دق النحاس بالحديد أشد صوتاً من الحمير. أجيب: بأن الصوت الشديد لحاجة يتحمله العقلاء، بخلاف الصوت الخالي عن الثمرة والفائدة، وهو صوت الحمار. قوله: (أوله زفير) أي صوت قوي، وقوله: (وآخره شهيق) أي صوت ضعيف، وهما صفة أهل النار.


الصفحة التالية
Icon