قوله: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ ﴾ أم: منقطعة تفسير ببل، والهمزة عند البصريين، والمفسر قدرها ببل فقط، وهو غير مناسب بدليل قوله: (لا) فإنه إشارة إلى أن الاستفهام إنكاري، مع أنه لم يذكر الهمزة، ولعلها سقطت من قلم ناسخ المبيضة. قوله: ﴿ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ ﴾ إضراب انتقالي من نفي الافتراء عنه إلى إثبات حقيقته، ويصح أن يكون ابطالياً لقوله، كأنه قيل ليس هو كما قالوا، بل هو الحق، وقولهم كل ما في القرآن من الإضراب انتقالي يحمل على غير هذا، والمعنى أن القرآن محصور في الحق، لا يخرج عنه لغيره، واستفيد الحصر من الجملة المعرفة الطرفين. قوله: ﴿ لِتُنذِرَ قَوْماً ﴾ هو فعل بنصب مفعولين، الأول قوماً، والثاني محذوف قدره المفسر بقوله: (به) وقدره غير العقاب. قوله: ﴿ مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ ﴾ جعل المفسر الجملة منفية صفة لقوماً، واختلف في القوم فقيل: المراد بهم العرب، لأنهم أمة لم يأتهم نذير قبل محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون هذه الآية بمعنى قوله تعالى:﴿ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ ﴾[يس: ٦] وقيل المراد بهم أهل الفترة، الذين كانوا قبل عيسى ومحمد عليهما السلام، فيشمل بني آدم برمتهم. قوله: ﴿ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ الترجي بالنسبة له صلى الله عليه وسلم، والمعنى لتنذر قوماً راجياً لإهدائهم لا آيساً منه. قوله: ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ ﴾ مبتدأ وخبر، وهو شروع في ذكر أدلة توحيده سبحانه وتعالى. (أولها الأحد وآخرها الجمعة) أي على سبيل التوزيع، فخلق الأرض أولاً في الأحد والاثنين وخلق ما فيهما في الثلاثاء والأربعاء، وخلق السماوات في الخميس والجمعة، وفي ذلك إشكال، وهو أن الأيام لم تكن معروفة إذ ذاك، فضلاً عن تسميتها، لعدم وجود الشمس والأفلاك التي تعرف بها الأيام. وأجيب: بأن المراد في مقدار ستة أيام، كائنة في علمه تعالى، بحيث تكون عند ظهورها لنا، أولها الأحد، وآخرها الجمعة، ومقتضى هذا، أنها كأيام الدنيا وبه قال الحسن، وقال ابن عباس والضحاك: اليوم منها مقداره ألف سنة. قوله: (سرير الملك) أي ومنه قال نكروا لها عرشها، والمراد به هنا الجسم النوراني المحيط بالعالم كله. قوله: (استواء يليق به) هذه إشارة لطريق السلف الذين يؤمنون بالمتشابه، ويفوضون علمه لله تعالى، وهو أسلم، ولذا سلكه المفسر، وطريقة الخلف يؤولون الاستواء بالاستيلاء والقهر، إذ هو أحد معنى الاستواء، ومنه قول الشاعر: قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراقوتقدم الكلام في هذا غير مرة. قوله: ﴿ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ ﴾ هذا نتيجة ما قبله، أي فحيث ثبت أنه الخالق للسماوات والأرض وما بينهما، وهو المالك للعرش وما حوى، فلا ولي ولا شفيع غيره. قوله: (يا كفار مكة) خصهم لأنهم سبب نزول الآية، وإلا فالعبرة بعموم اللفظ. قوله: (اسم ما) أشار بذلك إلى أن ﴿ مَا ﴾ حجازية، و ﴿ وَلِيٍّ ﴾ اسمها مؤخر، و ﴿ مِّن دُونِهِ ﴾ خبرها مقدم، وفيه أن شرط أعمالها الترتيب وهو مفقود هنا، إلا أن يقال: إنه مشى على قول ضعيف للنحويين من عدم اشتراطه في عملها، والأحسن جعلها تميمية، و ﴿ مِّن دُونِهِ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ وَلِيٍّ ﴾ مبتدأ مؤخر، لأن القرآن لا ينبغي حمله على ضعيف. قوله: ﴿ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير أغفلتم فلا تتذكرون.