قوله: ﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ﴾ لم يخاطبه الله كما خاطب غيره من الأنبياء، حيث قال: يا موسى، يا عيسى، يا داود، لكونه صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق على الإطلاق، فخاطبه بما يشعر بالتعظيم والإجلال حيث قال: يا أيها النبي، يا أيها الرسول، وإن ذكر اسمه صريحاً، أردفه بما يشعر بالتعظيم حيث قال:﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ ﴾[الفتح: ٢٩]﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ ﴾[آل عمران: ١٤٤] إلى غير ذلك. قوله: (أي دم على تقواه) دفع بذلك ما يقال: إن في الآية تحصيل الحاصل، وسبب نزول هذه الآية، أن أبا سفيان بن حرب، وعكرمة بن أبي جهل، وأبا الأعور عمرو بن سفيان السلمي، قدموا المدينة، فنزلوا على عبد الله بن أبي رأس المنافقين بعد قتال أحد، وقد أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمان على أن يكلموه، فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطعمة بن أبيرق، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وعنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة، وقل إن لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لنا في قتلهم، فقال: إني أعطيتهم الأمان، فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه، فأمر النبي عمر أن يخرجهم من المدينة. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ تعليل للأمر والنهي. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ الواو ضمير الكفرة والمنافقين على قراءة التحتانية، وضمير النبي وأمته على قراءة الفوقانية، وهما قراءتان سبعيتان.


الصفحة التالية
Icon