قوله: ﴿ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ﴾ أي لأن القلب عليه مدار قوى الجسد فيمتنع تعدده، لأنه يؤدي للتناقض، وهو أن يكون كل منهما أصلاً لكل قوى الجسد وغير أصل له. قوله: (رداً على من قال) إلخ، أي وهو أبو معمر، جميل بن معمر الفهري، كان رجلاً لبيباً حافظاً لما يسمع، فقالت قريش: ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء، إلا من أجل أن له قلبين، وكان يقول: لي قلبان أعقل بكل منهما أفضل من عقل محمد. فلما هزم الله المشركين يوم بدر، انهزم أبو معمر، لقيه أبو سفيان وإحدى نعليه بيده والأخرى برجله، فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال: انهزموا، فقال: ما بال إحدى نعليك في يدك، والأخرى في رجلك، فقال أبو معمر: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان، لما نسي نعله في يده. قوله: (بهمزة وياء بلا ياء) أي فهما قراءتان سبعيتان وهو جمع التي، قال ابن مالك: باللات واللاء التي قد جمعا. قوله: (بلا ألف قبل الهاء) أي فأصله تتظهرون بتاءين، سكنت الثانية وقلبت ظاء وأدغمت في الظاء. قوله: (وبها والتاء الثانية في الأصل مدغمة في الظاء) أي فهما قراءتان سبعيتان، وبقي قراءتان سبعيتان أيضاً، وهما فتح التاء والهاء مع تخفيف الظاء وأصلها بتاءين، حذفت احداهما وضم التاء وكسر الهاء وتخفيف الظاء أيضاً مضارع ظاهر، وهذه القراءات واردة قد سمع أيضاً، غير فتح التاء والهاء وتخفيف الظاء، لأن المضارع هناك مبدوء بالياء فلا تتأتى فيه، وفي الماضي ثلاث لغات: تظهر كتكلم، وتظاهر كتقاتل، وظاهر كقاتل. قوله: (بقول الواحد مثلاً لزوجته) إلخ، أي وضابطه أن يشبه زوجته كلاً أو بعضاً، بظهر مؤيدة التحريم. قوله: ﴿ أُمَّهَاتِكُمْ ﴾ مفعول ثان لجعل. قوله: (بشرطه) أي وهو العزم على العود، فإن لم يعزم على العود، فلا تجب عليه الكفارة ما لم يمسها، وإلا تحتمت عليه، ولو طلقها بعد ذلك. قوله: ﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ ﴾ نزلت في حق زيد بن حارثة، وهو كما روي كان من سبايا الشام، فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد، فوهبه لعمته خديجة بن خويلد، فوهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه، فأقام عنده مدة، ثم جاء عنده أبوه وعمه في فدائه، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: خيراه، فاختار الرق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حريته وقومه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: يا معشر قريش، اشهدوا أنه ابني يرثني وأرثه، وكان يطوف على خلق قريش يشهدهم على ذلك، فرضي ذلك عمه وأبوه وانصرفا، فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، فمكثت معه مدة، ثم أخبر الله نبيه أنه زوجه زينب، فلما طلقها زيد، تزوجها رسول الله، فتكلم المنافقون وقالوا: تزوج محمد حليلة ابنه وهو يحرمها، فنزلت هذه الآية رداً عليهم، وستأتي هذه القصة في أثناء السورة. قوله: (جمع دعيّ) أي بمعنى مدعو وأصله دعيو، اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء. قوله: (أي اليهود) تفسير للكاف في أفواهكم. قوله: ﴿ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ ﴾ روي عن عمر بن الخطاب قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة، إلا زيد ابن محمد، حتى نزلت ﴿ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ ﴾.
قوله: ﴿ هُوَ أَقْسَطُ ﴾ أي دعاؤهم لآبائهم أبلغ في العدل والصدق. قوله: ﴿ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ ﴾ أي فادعوهم بمادة الاخوة، بأن تقولوا له يا أخي مثلاً. قوله: (بنو عمكم) تفسير للموالي، فإنه يطلق على معان من جملتها ابن العم، والمعنى إذا لم تعرفوا نسب شخص، وأردتم خطابه، فقولوا له: يا ابن عمي مثلاً. قوله: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ﴾ أي إثم قوله: ﴿ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ ﴾ أي ولكن الجناح فيما تعمدته قلوبكم.