قوله: ﴿ ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ أي أنه صلى الله عليه وسلم أحق بكل مؤمن من نفسه كان في زمنه أولاً، فطاعة النبي مقدمة على طاعة النفس، في كل شيء من أمور الدين والدنيا، لأنها طاعة لله، قال تعالى:﴿ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ ﴾[النساء: ٨٠] وإذا كان أولى بهم من أنفسهم، فهو أولى بمالهم وأولادهم وأزواجهم من أنفسهم بالأولى، فحقه صلى الله عليه وسلم على أمته أعظم من حق السيد على عبده، وهذه الآية أعظم دليل على أنه صلى الله عليه وسلم هو الواسطة العظمى في كل نعمة وصلت للخلق. قوله: (فيما دعاهم إليه) أي من أمور الدين أو الدنيا أو الآخرة، فإذا طلب النبي شيئاً من أمر الدنيا أو الدين، وطلبت النفس خلافه، فالحق في الطاعة للنبي، وحينئذ فلا يتأتى من الغصب ولا السرقة، ولكن من كمال أخلاقه، أنه كان يتداين مع اليهود، ويشتري الشيء بالثمن، وإنما جعله الله أولى بالمؤمنين، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل شيئاً عن هوى نفسه، بل عن وحي، فجميع أفعاله وأقواله عن ربه. قوله: ﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ أي من عقد عليهن، سواء دخل بهن أو لا، مات عنهن أو طلقهن، وسراريه اللاتي تمتع بهن كذلك. قوله: (في حرمة نكاحهن عليهم) أي والتعظيم والاحتراك والبر، لا في غير ذلك من النظر والخلوة، فإنهم في ذلك كالأجانب. قوله: ﴿ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ ﴾ مبتدأ، و ﴿ بَعْضُهُمْ ﴾ بدل أو مبتدأ ثان.
﴿ أَوْلَىٰ ﴾ خبر. قوله: (في الإرث) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، والتقدير الأقارب، أولى بإرث بعضهم، من أن يرثهم المؤمنون والمهاجرون الأجانب. قوله: (أي من الإرث بالإيمان والهجرة) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ متعلق بأولى. يعني أن الأقارب أولى بإرث بعضهم، من الإرث بسبب الإيمان والهجرة الذي كان في صدر الإسلام، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤاخي بين الرجلين، فإذا مات أحدهما ورثة الآخر دون عصبته، حتى نزلت ﴿ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ ﴾.
قوله: ﴿ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ ﴾ استثناء منقطع، ولذا فسره بلكن. قوله: ﴿ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ ﴾ أي من توالونه من الأجانب. قوله: (بوصية) أي فلما نسخ الإرث بالإيمان والهجرة، توصل إلى نفع الأجانب بالوصية، وهي خارجة من ثلث المال. قوله: ﴿ مَسْطُوراً ﴾ أي مكتوباً. قوله: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا ﴾ ظرف لمحذوف قدره بقوله: (اذكر). قوله: (وهي أصغر النمل) أي فكل أربعين منها أصغر من جناح بعوضة. قوله: (بأن يعبدوا الله) أي يوحدوه، وهو تفسير للميثاق. قوله: (ويدعوا إلى عبادته) أي يبلغوا شرائعه للخلق، فعهد الأنبياء ليس كعهد مطلق الخلق. قوله: (من عطف الخاص على العام) أي والنكتة كونهم أولي العزم ومشاهير الرسل، وقدمه صلى الله عليه وسلم لمزيد شرفة وتعظيمه قوله: (بما حملوه) أي وهو عبادة الله والدعاء إليها. قوله: (وهو اليمين) أي الحلف بالله على أن يعبدوا الله ويدعوا إلى عبادته، فالميثاق الثاني غير الأول، لأن الأول إيصاء على التوحيد، والدعوى إليه من غير يمين، والثاني مغلط باليمين، والشيء مع غيره غيره في نفسه.


الصفحة التالية
Icon