قوله: ﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ﴾ أي مانعين للخير عنكم. قوله: (جمع شحيح) هذا هو المسموع فيه وقياسه أفعلاء، كخليل وأخلاء، والشح البخل. قوله: ﴿ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ ﴾ إلخ، هذا وصف لهم بالجبن، لأن شأن الجبان الخائف ينظر يميناً وشمالاً، شاخصاً ببصره. قوله: (كنظر أو كدوران) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ ﴾ نعت لمصدر محذوف من ﴿ يَنظُرُونَ ﴾ أو من ﴿ تَدُورُ ﴾.
قوله: ﴿ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ ﴾ أي لأنه يشخص ببصره ويذهب عقله. قوله: ﴿ سَلَقُوكُمْ ﴾ السلق بسط العضو ومدة للقهر، كان يداً أو لساناً، ففي الآية استعارة بالكناية، حيث شبه اللسان بالسيف، وطوى ذكر المشبه به، ورمز له بشيء من لوازمه وهو السلق بمعنى الضرب، فإثباته تخييل والحداد ترشيح. قوله: ﴿ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ ﴾ أي مانعين له، فلا نفع في أنفسهم ولا في مالهم. قوله: ﴿ لَمْ يُؤْمِنُواْ ﴾ (حقيقة) أي بقلوبهم وإن أسلموا ظاهراً. قوله: ﴿ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ أي أظهر بطلانها. قوله: ﴿ يَحْسَبُونَ ﴾ أي المنافقون لشدة جبنهم. قوله: ﴿ ٱلأَحْزَابَ ﴾ أي قريشاً وغطفان واليهود. قوله: ﴿ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي ٱلأَعْرَابِ ﴾ أي ساكنون في البادية خارج المدينة، ليكونوا في بعد عن الأحزاب. قوله: ﴿ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ ﴾ يصح أن يكون حالاً من الواو في ﴿ بَادُونَ ﴾ أو جملة مستأنفة، والمعنى يسألون كل قادم من جانب المدينة، عما جرى بينكم وبين الكفار، وقائلين فيما بينهم: إن غلب المسلمون قاسمناهم في الغنيمة، وإن غلب الكفار فنحن معهم. قوله: ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ هذه الآية وما بعدها إلى قوله:﴿ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾[الأحزاب: ٢٦] من تمام قصة الأحزاب، وفيها عتاب للمتخلفين عن القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المؤمنين والمنافقين. قوله: (بكسر الهمزة وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (اقتداء) أشار بذلك إلى أن الأسوة اسم بمعنى المصدر وهو الائتساء، يقال ائتسى فلان بفلان أي اقتدى به. قوله: (في القتال) لا مفهوم له، بل الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واجب في الأقوال والأفعال والأحوال، لأنه لا ينطق ولا يفعل عن هوى، بل جميع أفعاله وأقواله وأحواله عن ربه، ولذا قال العارف: وخصك بالهدى في كل أمر فلست تشاء إلا ما يشاءوإنما خص القتال بالذكر لأنه معرض السبب. قوله: ﴿ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ ﴾ لأي فالمنصف بهذه الأوصاف، ثبتت له الأسوة الحسنة في رسول الله، وأما من لم يكن متصفاً بتلك الأوصاف، فليس كذلك. قوله: ﴿ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً ﴾ أي بلسانه أو جنانه أو ما هو أعم.