قوله: ﴿ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ ﴾ اختلف في زمنها، فقيل هي ما قبل بعثة إبراهيم، وقيل ما بين آدم ونوح، وقيل ما بين نوح وإدريس، وقيل ما بين نوح وإبراهيم، وقيل ما بين موسى وعيسى، وقيل ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وقيل هي ما قبل الإسلام مطلقاً، وعليه اقتصر المفسر، وجعلها أولى بالنسبة إلى ما كن عليه، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى. قوله: (من إظهار محاسنهن للرجال) أي فكانت المرأة تجلس مع زوجها وخلها، فينفرد خلها بما فوق الإزار، وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى أسفل، وربما سأل أحدهما صاحبه البدل. قوله: (والإظهار بعد الإسلام) إلخ، جواب عما يقال: إن إظهار الزينة واقع من فسقة النساء بعد الإسلام، فلا حاجة لذكر الجاهلية الأولى، فأجاب: بأنه تقدم النهي عنه في قوله:﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ﴾[النور: ٣١].
قوله: ﴿ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ ﴾ أي بشروطها وآدابها. قوله: ﴿ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ ﴾ أي لمستحقيها. قوله: ﴿ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ أي في جميع الأوامر والنواهي، فلا تليق منكن المخالفة فيما أمر الله ورسوله به. قوله: ﴿ ٱلرِّجْسَ ﴾ أي الذنب المدنس لعرضكن. قوله: ﴿ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ ﴾ منصوب على أنه منادى، وحرف النداء محذوف قدره المفسر. قوله: (أي نساء النبي) قصره عليهن لمراعاة السياق، وإلا فقد قيل: الآية عامة في أهل بيت سكنه وهن أزواجه، وأهل بيت نسبه وهن ذريته. قوله: ﴿ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً ﴾ أكده إشارة إلى الزيادة في التطهير بسبب التكاليف، فالعبادة والتقوى سبب للطهارة، وهي الخلوص من دنس المعاصي، فمن ادعى الطهارة مع ارتكابه المعاصي، فهو ضال كذاب. قوله: ﴿ وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ ﴾ أي لتذكرن به أنفسكن أو غيركن، وفيه تذكير لهن بهذه النعمة العظيمة، حيث جعلهن من أهل بيت النبوة، وشاهدن نزول الوحي، وكل ذلك موجب للزوم التقوى. قوله: ﴿ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ ﴾ بيان لما. قوله: ﴿ لَطِيفاً ﴾ أي عالماً بخفيات الأمور. قوله: ﴿ خَبِيراً ﴾ أي مطلعاً على كل شيء. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ ﴾ إلخ، سبب نزولها: أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جلسن يتذاكرن فيما بينهن ويقلن: إن الله ذكر الرجال في القرآن، ولم يذكر النساء بخير، فما فينا خير نذكر به، إنا نخاف أن لا تقبل منا طاعة، فسألت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت كثيرة السؤال له فقالت: يا رسول الله، ما بال ربنا يذكر الرجال في كتابه ولا يذكر النساء؟ فنخشى أن لا يكون فيهن خير، فنزلت جبراً لخاطرهن. قوله: ﴿ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾ إنما عطف وصفهم بالإيمان على وصفهم بالإسلام، وإن كانا متحدين شرعاً، نظراً إلى أنهما مختلفان مفهوماً، إذ الإسلام التلفظ بالشهادتين، بشرط تصديق القلب بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والإيمان الإذعان القلبي بشرط النطق باللسان، ويكفي في العطف أدنى تغاير. قوله: ﴿ وَٱلْحَافِـظَاتِ ﴾ حذف المفعول لدلالة ما قبله عليه والتقدير والحافظات فروجهن. قوله: ﴿ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً ﴾ أي بأي ذكر كان، من تسبيح أو تهليل أو تحميد أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والكثرة مختلفة باختلاف الأشخاص، فالكثرة في حق العامة أقلها ثلاثمائة، وفي حق المريدين اثنا عشر ألفاً، وفي حق العارفين عدم خطور الغير على قلوبهم، ومنه قول العارف ابن الفارض: ولو خطرت لي في سواك إرادة   على خاطري يوماً حكمت بردتي


الصفحة التالية
Icon