قوله: ﴿ ظَنَّهُ ﴾ أي وسبب ظنه، إما رؤيته إنهاكهم في الشهوات، أو قول الملائكة﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ﴾[البقرة: ٣٠] أو وسوسته لآدم في الجنة فأخرج منها، فظن ضعف أولاده بالنسبة له، وإن كان لم تؤثر وسوسته لآدم. قوله: (فصدق بالتخفيف في ظنه) أشار بذلك إلى أن قوله: (ظنه) على قراءة التخفيف منصوب على نزع الخافض، والمعنى صار فيما ظنه أولاً من إغوائهم على يقين، وقوله: (أو صدق) بالتشديد إلخ. أي فظنه مفعول لصدق، والمعنى حقق ظنه ووجده صادقاً. قوله: (بمعنى لكن) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع، وحمله على ذلك تفسيره الضمير بالكفار، ويصح أن يكون متصلاً، لأن بعض المؤمنين يذنب ويتبع إبليس في بعض المعاصي، ويكون قوله: ﴿ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ المراد بهم من لم يتبعه أصلاً، والأقرب الأول، لأن المعصومين استثناهم من حين طرده بقوله:﴿ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾[الحجر: ٣٩-٤٠].
قوله: (تسليطاً منا) أي فالشيطان سبب في الإغواء، لا خالق في الإغواء، فمن أراد الله حفظه، منع الشيطان عنه، ومن أراد الله إغوائه، سلط عليه الشيطان، والكل فعل الله تعالى. قوله: (علم ظهور) أي فالمعنى ليظهر متعلق علمنا، فاللام للعاقبة لا للتعليل، ومعنى الآية: ما كان له عليهم إيجاد اضلال، بل خالق الهدى والضلال هو نحن، وإنما سبقت حكمتنا بتسليكه، ليتميز بين عبادنا، من خلقنا فيه الكفر، ومن خلقنا فيه الإيمان، فاتباعه وعدمه، علامة على ما تعلق به علمه تعالى فتدبر. قوله: (رقيب) أي فهو تعالى قادر على منع إبليس منهم، عالم بما سيقع. قوله: ﴿ قُلِ ٱدْعُواْ ﴾ بكسر اللام على أصل التخلص، وبالضم اتباعاً، قراءتان سبعيتان. قوله: (أي زعمتموهم آلهة) أي فالمفعولان محذوفان، الأول لطول بصلته، والثاني لقيام صفته - أعني قوله من دون الله - مقامه. قوله: (لينفعوكم) متعلق بادعوا، أي ادعوهم ليكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم في سني الجوع، ويجلبوا لكم سعة العيش. قوله: ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ أي لا يملكون أمراً من الأمور في العالم، وذكر السماوات والأرض للتعميم عرفاً. قوله: (معين) أي على خلق شيء. بل الله تعالى المنفرد بالإيجاد والإعدام.


الصفحة التالية
Icon