قوله: ﴿ إِلاَّ كَآفَّةً ﴾ الحصر إضافي، جيء به للرد على المشركين الذين يعتقدون أن رسالته غير عامة لجميع بني آدم. قوله: (حال من الناس) تبع فيه ابن عطية، واعترضه الزمخشري بأن تقدم الحال على صاحبها المجرور خطأ، بمنزلة تقدم المجرور على الجار، ورد بأن الصحيح جواز تقديم الحال على صاحبها المجرور وما يتعلق به، وإذا جاز تقديمها على صاحبها وعاملها، فتقديمها على صاحبها وحده أجوز، لتقدم عاملها وهو أرسلنا، وهذا أحد وجهين في الآية، ويصح جعل ﴿ كَآفَّةً ﴾ حالاً من الكاف في ﴿ أَرْسَلْنَاكَ ﴾ والتاء للمبالغة كهي في علامة ورواية، والمعنى إلا جامعاً للناس في التبليغ، يخرج عن تبليغك أحد، فكافة اسم فاعل من كف بمعنى جمع، أو مصدر كالعاقبة، والعاقبة إما مبالغة أو على حذف مضاف، أي ذا كافة للناس، أو صفة لمصدر محذوف تقديره إلا ارساله كافة، أي محيطه بهم وشاملة لهم، فلا يخرج منها، أحد والأوجه الثلاثة على أنه حال من الكاف وهي متقاربة، فتحصل أن هذه الآيات دلت على أنه مرسل لجميع الإنس بشيراً ونذيراً، وأما ارساله لغيهم، فمأخوذ من آيات أخر منها﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾[الأنبياء: ١٠٧] لكن إرساله للإنس والجن، ارسال تكليف وللملائكة: قيل: ارسال تكليف، وقيل تشريف، وللحيوانات الغير العاقلة والجمادات ارسال تشريف. قوله: ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي ما ذكر من عموم رسالته، وكونه بشيراً ونذيراً. قوله: ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ أي على سبيل الاستهزاء والسخرية. قوله: ﴿ إِن كُنتُمْ ﴾ الخطاب للنبي والمؤمنين. قوله: ﴿ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ﴾ أي إن أردتم التأخر. قوله: ﴿ وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ ﴾ أي إن أردتم التقدم والاستعجال كما هو مطلوبكم. إن قلت: إن الجواب ليس مطابقاً للسؤال، لأن السؤال عن طلب تعيين الوقت، والجواب يقتضي أنهم منكرون للوقت من أصله. وأجيب: بأن الجواب مطابق بالنظر لحالهم لا لسؤالهم، لأن سؤالهم وإن كان على صورة الاستفهام عن الوقت، إلا أن مرادهم الإنكار والتعنت، والجواب المطابق أن يكون بالتهديد على تعنتهم. قوله: ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ ﴾ إلخ، سبب ذلك أن أهل الكتاب قالوا لهم: إن صفة محمد في كتبنا، فلما سألوهم ووافق ما قال أهل الكتاب، قال المشركون: لن نؤمن بهذا القرآن، ولا بالذي بين يديه. قوله: (الدالين على البعث) أي وعلى صفة محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم يكفرون بها أيضاً. قوله: (قال تعالى فيهم) أي في بيان أحوالهم في الآخرة. قوله: ﴿ وَلَوْ تَرَىٰ ﴾ مفعول ﴿ تَرَىٰ ﴾ وجواب ﴿ لَوْ ﴾ محذوف، والتقدير: ولو ترى حال الظالمين وقت وقوفهم عند ربهم، حال كونهم يرجع بعضهم إلى بعض القول لرأيت أمراً فظيعاً. قوله: ﴿ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ ﴾ ﴿ إِذِ ﴾ ظرف لترى بمعنى وقت. قوله: ﴿ مَوْقُوفُونَ ﴾ أي محبوسون في الموقف للحساب. قوله: ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ العندية للمكانة والعظمة لا المكان. قوله: ﴿ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ ﴾ حال من ضمير ﴿ مَوْقُوفُونَ ﴾ والقول منصوب بيرجع. قوله: ﴿ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ ﴾ تفسير لقوله: ﴿ يَرْجِعُ ﴾ فالجملة لا محل لها من الإعراب. قوله: ﴿ لَوْلاَ أَنتُمْ ﴾ ما بعد ﴿ لَوْلاَ ﴾ مبتدأ خبره محذوف، قدره المفسر بقوله: (صددتمونا) إلخ، وقوله: ﴿ لَوْلاَ ﴾ جواب ﴿ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾.