قوله: ﴿ وَمَآ أَمْوَالُكُمْ ﴾ إلخ، كلام مستأنف سبق لتقرير ما سبق تحقيقه. قوله: ﴿ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ ﴾ صفة للأموال والأولاد، لأن جمع التكسير للعاقل يعامل معاملة المؤنثة الواحدة، ويصح أن تكون التي صفة لموصوف محذوف تقديره بالأحوال التي. قوله: (قربى) أشار بذلك إلى ﴿ زُلْفَىٰ ﴾ مصدر من معنى الفعل. قوله: (لكن) ﴿ مَنْ آمَنَ ﴾ أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع، وحمله على ذلك جعل الخطاب للكفار، ويصح أن يكون متصلاً، والخطاب الأول عام، كأنه قيل: وما الأموال والأولاد تقرب أحداً، إلا المؤمن الصالح الذي أنفق أمواله في سبيل الله، وعلم أولاده الخير ورباهم على الصلاح.
﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ ﴾ إلخ. قوله: ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ لَهُمْ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ جَزَآءُ ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر أولئك، وهو استئناف لبيان جزاء أعمالهم. قوله: ﴿ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ ﴾ من إضافة الموصوف لصفته، أي الجزاء المضاعف. قوله: (مثلاً) أي أو الحسنة بسبعين أو بسبعمائة أو أكثر. قوله: (وغيره) أي من سائر المكاره، فلا يفنى شبابهم. ولا تبلى ثيابهم. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (مقدرين عجزنا) أي معتقدين أننا عاجزون فلا نقدر عليهم. قوله: ﴿ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ ﴾ [سبأ: ٣٦] إلخ، اختلف في هذه الآية، فقيل: مكررة مع التي قبلها للتأكيد، وقيل: مغايرة لها، فالأولى محمولة على أشخاص متعددين، وهذه محمولة على شخص واحد باعتبار وقتين، فوقت البسط غير وقت القبض، وهو الاحتمال الأول في قول المفسر، أو الأولى محمولة على الكفار، وهذه في حق المؤمنين، وكل صحيح. قوله: (ابتلاء) علة لقوله: ﴿ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾ أي يختبر هل يصبر أو لا. قوله: ﴿ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ ﴾ أي على أنفسكم وعيالكم أو تصدقتم به. قوله: ﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ أي بالمال أو بالقناعة التي هي كنز لا ينفد، أو بالثواب في الآخرة، وفي الحديث:" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً "ويؤيد هذا الحديث قوله تعالى:﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ﴾[الليل: ٥] الآيات، وأتى بهذه الآية عقب التي قبلها، إشارة إلى أن الإنفاق لا يضيق الرزق، بل ربما كان سبباً في توسعته، فالحيلة في توسعة الرزق، الإنفاق في وجوه الخير، والثقة بالله والتوكل عليه. قوله: ﴿ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ ﴾ أي أحسنهم وأجلهم، لكونه خالق السبب والمسبب. قوله: (يقال كل إنسان) إلخ، أي لغة، ودفع بذلك ما قيل: إن الرزاق في الحقيقة واحد وهو الله. فأجاب: بأن الجمع باعتبار الصورة، فالله خالق الرزق، والعبيد متسببون فيه. إن قلت: أي مشاركة بين المفضل والمفضل عليه؟ أجيب: بأن الرزاق يطلق على الموصل للرزق والخالق له، والرب يوصف بالأمرين، والعبد يوصف بالإيصال فقط، فخيرية الله من حيث إنه خالق وموصل، فعلم أن العبد يقال له رازق بهذا، ولا يقال له رزاق، لأنه من الأسماء المختصة به تعالى. قوله: (يرزق عائلته) أي عياله، وعيال الرجل من يعولهم، واحجى عيل كجيد. قوله: (وابدال الأولى ياء) هذا سبق قلم من المفسر، إذ لم يقرأ بهذه أحد من القراء، وأما تحقيقهما وإسقاط الأولى فقراءتان سبعيتان، وبقي ثلاث قراءات سبعيات: تحقيق الأولى، وتسهيل الثانية وعكسه، وابدال الثانية ياء ساكنة ممدودة مع تحقيق الأولى، فتكون الجملة خمساً.