قوله: ﴿ وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ﴾ أي فالمعنى لا عذر لهم في عدم تصديقك، بخلاف أهل الكتاب، فإن لهم كتاباً وديناً، ويحتجون بأن نبيهم حذرهم من ترك دينه، وإن كان عذراً باطلاً وحجة واهية. قوله: ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ ﴾ أي نبي يخوفهم ويحذرهم من عقاب الله. قوله: ﴿ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ قيل: المعشار لغة في العشر، وقيل: المعشار هو عشر العشير، والعشير هو عشر العشر، فيكون جزءاً من ألف وهو الأظهر، لأن المراد به المبالغة في القليل. قوله: (من القوة) إلخ، أي ومع ذلك، فلم ينفعهم شيء من ذلك في دفع الهلاك. قوله: ﴿ فَكَذَّبُواْ رُسُلِي ﴾ عطف على قوله: ﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ ﴾ عطف مسبب على سبب. قوله: ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ عطف على محذوف تقديره: فحين كذبوا رسلي، جاءهم إنكاري بالتدمير، فكيف كان نكيري لهم؟ قوله: (واقع موقعه) أي فهو غاية العدل، وعدم الجور والظلم. قوله: ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ ﴾ أي آمركم وأوصيكم، وقوله: ﴿ بِوَاحِدَةٍ ﴾ صفة لموصوف محذوف تقديره بخصلة واحدة. قوله: ﴿ أَن تَقُومُواْ ﴾ ﴿ أَن ﴾ وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر لمحذوف، قدره المفسر بقوله: (هي) وليس المراد بالقيام حقيقة، وهو الانتصاب على القدمين، بل المراد صرف الهمة، والاشتغال والتفكر في أمر محمد وما جاء به، لأن أول واجب على المكلف، النظر المؤدي للمعرفة. قوله: ﴿ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ﴾ حالان من فاعل ﴿ تَقُومُواْ ﴾ وإنما أمرهم بذلك لأن الجماعة ربما يكون في اجتماعها تشويش الخاطر ومنع التفكر، بسبب الأغراض والتعصب، وأما الاثنان فيتفكران، ويعرض كل واحد منهما على صاحبه ما استفاده بفكرته، وأما الواحد فيفكر في نفسه ويقول: هل رأينا من هذا الرجل جنوناً، أو جربنا عليه كذباً قط، وقد علمتم أن محمداً ما به جنون، بل علمتموه أرجح قريش عقلاً، وأوزنهم حلماً، وأحدهم ذهناً، وأرضاهم رأياً، وأصدقهم قولاً، وأزكاهم نفساً، وإذا علمتم ذلك، كفاكم أن تطلبوا منه آية على صدقه، وإذا جاء بها، تبين أنه صادق فيما جاء به، وإذا كان كذلك، فالواجب اتباعه وتصديقه. قوله: (فتعلموا) أشار بذلك إلى أن نتيجة الفكر والعلم، ومعمول التفكر محذوف، والتقدير فتفكروا في أحوال محمد، فينتج لكم العلم بأن ما بصاحبكم جنون ولا نقص. قوله: ﴿ مَا بِصَاحِبِكُمْ ﴾ أضافه لهم اشارة إلى أنه كان مشهوراً بينهم، وحاله معروف عندهم، فكانوا يدعونه بالصادق الأمين، فإذا تفكروا وقاسوا حاله بعد النبوة، على حال قبلها، فيفيدهم العلم بكمال أوصافه. قوله: ﴿ إِنْ هُوَ ﴾ أي المحدث عنه وهو محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ أي هو مقدمة عذاب لكم في الدنيا والآخرة، إن لم تؤمنوا وتصدقوه فيما جاء به فيخبركم به قبل وقوعه.


الصفحة التالية
Icon