قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ إنما خاطب الناس بذلك، وإن كان كل ما سوى الله فقيراً، لأن الناس هم الذين يدعون الغنى وينسبونه لأنفسهم. والمعنى: يا أيها الناس، أنتم أشد الخلق افتقاراً واحتياجاً إلى الله، في أنفسكم وعيالكم وأموالكم، وفيما يعرض لكم من سائر الأمور، فلا غنى لكم عنه طرفة عين، ولا أقل من ذلك، ومن هنا قول الصديق رضي الله عنه: من عرف نفسه عرف ربه، أي من عرف نفسه، بالفقر والذل والعجز والمسكنة، عرف ربه بالغنى والعز والقدرة والكمال. قوله: (بكل حال) أي في حالة الفقر والغنى والضعف والقوة والذل والعز، فالعبد مفتقر لربه في أي حاله كان بها ذلك العبد. قوله: ﴿ ٱلْحَمِيدُ ﴾ إنما ذكره بعد الغنى، لدفع توهم أنه غناه تعالى تارة ينفع وتارة لا، فأفاد أنه كما أنه غني، وهم منعم جواد محمود على إنعامه، لكونه يعطي النوال قبل السؤال، للبر والفاجر. قوله: ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ ﴾ هذا بيان لغناه المطلق، يعني أن إذهابكم ليس متوفقاً على شيء، إلا على مشيئته، فإبقاؤكم من محض فضله. قوله: ﴿ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ أي بعالم آخر غير ما تعرفونه. قوله: (شديد) أي متعذر ومتعسر.


الصفحة التالية
Icon