قوله: ﴿ يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ ﴾ يحتمل أن يكون من كلام الله، أو الملائكة، أو المؤمنين، والمراد بالعباد جميع الكفار، فأل للجنس، وقيل: المراد بالعباد نفس الرسل، و ﴿ عَلَى ﴾ بمعنى من، والقائل ذلك الكفار، والتقدير: يا حسرة علينا من مخالفة العباد، والأوجه الأول الذي مشى عليه المفسر. قوله: ﴿ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ الجملة حالية من مفعول ﴿ يَأْتِيهِمْ ﴾.
قوله: (مسوق) إلخ. أي فهو استئناف واقع في جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: ما وجه التحسر عليهم؟ قيل: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ ﴾ إلخ. قوله: (لبيان سببها) أي بواسطة، فإن الاستهزاء سبب لأهلاكهم، وهو سبب للحسرة. قوله: (لاشتماله) أي دلالتهقوله: ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ إلخ، رأى علمية، و ﴿ كَمْ ﴾ خبرية مفعول لأهلكنا مقدم، و ﴿ قَبْلَهُمْ ﴾ ظرف لأهلكنا، و ﴿ مِّنَ ٱلْقُرُونِ ﴾ بيان لكم. قوله: (والاستفهام للتقرير) أي وهو حمل المخاطب على الإقرار بما بعد النفي. قوله: (معمولة لما بعدها) أي وليست معمولة ليروا، لأن ﴿ كَمْ ﴾ الخبرية لها الصدارة، فلا يعمل ما قبلها فيها. قوله: (معلقة ما قبلها عن العمل). إن قلت: إن ﴿ كَمْ ﴾ الخبرية لا تعلق، وإنما التعلق للاستفهامية، قال ابن مالك: وإن ولا لام ابتداء أو قسم   كذا والاستفهام ذا له انحتمأجيب: بأن الخبرية أجريت مجرى الاستفهامية في التعليق. قوله: (والمعنى أنا) ﴿ أَهْلَكْنَا ﴾ أي وقد علموا ذلك. قوله: (بدل مما قبله) أي بدل اشتمال، لأن إهلاكهم مشتمل ومستلزم لعدم ورجوعهم، أو يدل كل من كل، بناء على تنزيل التلازم منزلة التماثل، كأن إهلاكهم غير رجوعهم. قوله: (برعاية المعنى المذكور) أي وهو قوله: (أنا) ﴿ أَهْلَكْنَا ﴾ إلخ، والمعنى: قد علموا إهلاكنا كثيراً من القرون السابقة، المشتمل على عدم عودهم إلى هؤلاء الباقين وهم أهل مكة، فينبغي أن يعتبروا بهم. قوله: (نافية) أي و ﴿ لَّمَّا ﴾ بالتشديد بمعنى إلا، وقوله: (أو مخففة) أي مهملة، ولما بالتخفيف واللام فارقة. قوله: (وما زائدة) للتأكيد، فقد أغنت عن الحصر المستفاد من قراءة التشديد، فتحصل أن من شدد ﴿ لَّمَّا ﴾ جعلها بمعنى إلا، و ﴿ إِن ﴾ نافية، وهذا باتفاق البصريين والكوفيين، ومن خفف ﴿ لَّمَّا ﴾ فالبصريون على أن ﴿ إِن ﴾ مخففة، واللام فارقة، وما زائدة، وجوز الكوفيين جعل ﴿ لَّمَّا ﴾ بمعنى إلا، و ﴿ إِن ﴾ نافية، والقراءتان سبعيتان. قوله: (أي كل الخلائق) أشار بذلك إلى أن التنوين عوض عن المضاف إليه. قوله: (أي مجموعون) دفع بذلك ما يتوهم من ذكر الاستغناء بها عن الجميع، فأجاب: بأن ﴿ كُلٌّ ﴾ أشير بها لاستغراق الأفراد، و ﴿ جَمِيعٌ ﴾ أشير بها لاجتماع الكل في مكان واحد للحشر.


الصفحة التالية
Icon