قوله: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ ﴾ الاستفهام للتوبيخ والتقريع، والمراد بالعهد، ما كلفهم الله به على ألسنة رسله من الأوامر والنواهي. قوله: (آمركم) أي وأنهاكم؛ ففيه اكتفاء. قوله: ﴿ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ ﴾ ﴿ أَن ﴾ تفسيرية لتقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه، و ﴿ لاَّ ﴾ ناهية؛ والفعل مجزوم بها. قوله: ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ تعليل لوجوب الانتهاء. قوله: ﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ ﴾ تأكيد للتعليل. قوله: ﴿ جِبِلاًّ ﴾ بضم الجيم وسكون الباء وتخفيف اللام. قوله: (وفي قراءة بضم الباء) أي مع ضم الجيم، وبقي ثالثة سبعية أيضاً، وهي بكسر الجيم والباء وتشديد اللام كسجل. قوله: ﴿ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ﴾ هذا خطاب لهم وهم على شفير جهنم، والمقصود منه زيادة التبكيت والتقريع. قوله: ﴿ ٱصْلَوْهَا ﴾ أي ذوقوها حرارتها. قوله: ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ أي بسبب كفركم. قوله: ﴿ ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ ﴾ أي ختماً يمنعها عن الكلام النافع، فلا ينافي قوله تعالى في الآية الأخرى:﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ ﴾[النور: ٢٤] وهذا مرتبط بقوله: ﴿ ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ ﴾ روي أنهم حين يقال لهم ذلك، يجحدون ما صدر عنهم في الدنيا ويتخاصمون، فتشهد عليهم جيرانهم وأهاليهم وعشائرهم، فيحلفون أنهم ما كانوا مشركين ويقولون: لا نجيز علينا شاهداً إلا من أنفسنا؛ فيختم على أفواههم، ويقال لأركانهم: انطلقوا فتنطق بما صدر منهم، وحكمة إسناد الختم لنفسه، والشهادة للأيدي والأرجل، دفع توهم أن نطقها جبر، والمجبور غير مقبول الشهادة، فأفاد نطقها اختياري. قوله: ﴿ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ ﴾ إلخ مفعول المشيئة محذوف، أي لو نشاء طمسها لفعلنا، وقوله: ﴿ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ ﴾ أي أرادوا أن يستبقوا الطريق المحسوس ذاهبين في حوائجهم، وهو عطف على قوله: ﴿ طَمَسْنَا ﴾، وقوله: ﴿ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ ﴾ استفهام إنكاري مرتب على ما قبله، أي فلا يبصرونه.