﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ إن قلت: تقدم أن الكواكب ثابتة في السماء أو في العرش زينة، ومقتضى كونها رجوماً للشياطين، أنها تنفصل وتزول، فكيف الجمع بين ذلك؟ أجيب: بأنه ليس المراد أن الشياطين يرجمون بذات الكواكب، بل تنفصل منها شهب تنزل على الشياطين، والكواكب باقية بحالها. إن قلت: إن الشياطين خلقوا من النار، فكيف يحترقون؟ أجيب: بأن الأقوى يحرق الأضعف، كالحديد يقطع بعضه بعضاً. إن قلت: إذا كان الشيطان يعلم أنه لا يصل لمقصوده بل يصاب، فكيف يعود مرة أخرى؟ أجيب: بأنه يرجو وصوله لمقصوده وسلامته، كراكب البحر، فإنه يشاهد الغرق، المرة بعد المرة، ويعود طمعاً في السلامة. قوله: (يثقبه) أي بحيث يموت من ثقبه، وقوله: (أو يحرقه) أي يموت أيضاً، وأو في كلام المفسر للتنويع، وهو لا ينافي وصف الشهاب بالثاقب، لأن معنى الثاقب المضيء، أي الذي وأو في كلام المفسر للتنويع، وهو لا ينافي وصف الشهاب بالثاقب، لأن معنى الثاقب المضيء، أي الذي يثقب الظلام، خلافاً لما يوهمه المفسر. قوله: (أو يخيله) الخبل بسكون الباء وفتحها، الجنون والبله، ويطلق أيضاً على من فسدت أعضاؤه. قوله: ﴿ فَٱسْتَفْتِهِمْ ﴾ إلخ، المقصود من هذا الكلام، الرد على منكري البعث، حيث ادعوا أنه مستحيل، وحاصل الرد، أن يقال لهم: إن استحالته التي تدعونها، إما لعدم المادة، وهو مردود بأن غاية الأمر تصير الأجزاء تراباً، وهو قادر على أن ينزل عليه ماء فيصير طيناً، وقد خلق أباهم آدم من طين، أو لعدم القدرة وهو مردود، بأن القادر على هذه الأشياء العظام من السماوات الأرض وغيرهما، قادر على إعادتهم ثانياً، وقدرته ذاتية لا تتغير، فهذه الآية نظير قوله تعالى:﴿ ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا ﴾[النازعات: ٢٧] إلخ. قوله: ﴿ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً ﴾ أي أقوى خلقاً، أو أصعب أو أشق إيجاداً. قوله: ﴿ أَم مَّنْ خَلَقْنَآ ﴾ قرأ العامة بتشديد الميم، وقرئ شذوذاً بفتحها، وهو استفهام ثان، و ﴿ مِّن ﴾ مبتدأ خبر محذوف دل عليه ما قبله أي ﴿ أَشَدُّ خَلْقاً ﴾.
قوله: ﴿ لاَّزِبٍ ﴾ من باب دخل، وقوله: (يلصق باليد) أي أنه لضعفه لا قوام له بنفسه. قوله: (المعنى أن خلقهم) إلخ، التفت المفسر إلى أنه توبيخ لهم على التكبر والعناد الذي منه إنكار البعث.


الصفحة التالية
Icon