قوله: ﴿ بَلْ عَجِبْتَ ﴾ إضراب عن الأمر بالاستفتاء كأنه قال: لا تستفتهم فإنهم جاهلون معاندون، لا منفعة في استفتائهم، بل انظر إلى حالك وحالهم، والمقصود منه تسليته صلى الله عليه وسلم قوله: (بفتح التاء) أي ويضمها، قراءتان سبعيتان، وعلى الضم فالمتعجب الله تعالى، ومعناه في حقه الغضب والمؤاخذة على حد﴿ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ ﴾[آل عمران: ٥٤] والمعنى يجازيهم على تكذيبهم إياك، وقد يطلق التعجب في حق الله تعالى على الرضا والمحبة كما في الحديث:" عجب ربك من شاب ليس له صبوة "قوله: ﴿ وَ ﴾ (هُمْ) ﴿ يَسْتَسْخِرُونَ ﴾ (من تعجبك) أي أو من تعجبي، أي غضبي عليهم ومجازاتي لهم على كفرهم. قوله: (لا يتعظون) أي لقيام الغفلة بهم. قوله: ﴿ أَءِذَا مِتْنَا ﴾ إلخ، أصل الكلام: أنبعث إذا متنا، وكنا تراباً وعظاماً؟ قدموا الظرف، وكرروا الهمزة، وأخروا العامل، وعدلوا به إلى الجملة الاسمية، لقصد الدوام والاستمرار، إشعاراً بأنهم مبالغون في الإنكار. قوله: (وادخال ألف بينهما) أي وتركه، فالقراءات أربع في كل موضع، وبقي قراءتان سبعيتان أيضا: الأول بألفين، والثانية بواحدة، والعكس، وبسط تلك القراءات يعلم من كتبها. قوله: (وبفتحها) أي والقراءتان سبعيتان هنا، وفي الواقعة، وتقدم في الأعراف﴿ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ ﴾[الأعراف: ٩٨].
قوله: (للاستفهام) أي الإنكاري. قوله: (أو الضمير في لمبعوثون) أي على القراءة الثانية، فيكون مبعوثون عاملاً فيه أيضاً، إن قلت: إن ما بعد همزة الاستفهام، لا يعمل فيه ما قبلها، فكان الأولى أن يجعل مبتدأ خبره محذوف تقديره أو آباءنا يبعثون. أجيب: بأنها مؤكدة للأولى، لا مقصودة بالاستقبال، فالعبرة بتقديم المؤكد لا المؤكد. قوله: (والفاصل) أي بين المعطوف عليه، وهو ضمير الرفع المستتر، وبين المعطوف وهو ﴿ آبَآؤُنَا ﴾، فتحصل أنه على قراءة سكون الواو، ويتعين العطف على محل إن واسمها لا غير، وعلى قراءة فتحها يجوز هذا الوجه، ويجوز كونه معطوفاً على الضمير المستتر في ﴿ لَمَبْعُوثُونَ ﴾ ويكفي الفصل بهمزة الاستفهام، على حد قول ابن مالك، أو فاصل ما. قوله: ﴿ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ ﴾ الجملة حالية، والعامل فيها معنى ﴿ نَعَمْ ﴾ كأنه قيل (تبعثون) والحال أنكم صاغرون لخروجهم من قبورهم، حاملين أوزارهم على ظهورهم.


الصفحة التالية
Icon