قوله: ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ ﴾ شروع في تفصيل ما أجمله في قوله:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ ﴾[الصافات: ٧٢] وقد ذكر في هذه السورة سبع قصص: قصة نوح، وقصة إبراهيم، وقصة الذبيح، وقصة موسى وهارون، وقصة الياس، وقصة لوط، وقصة يونس، وذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم وتحذير لمن كفر من أمته. قوله: (ربي إني مغلوب) أي مقهور، وقوله: (فانتصر) أي انتقم منهم. قوله: ﴿ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ ﴾ الواو للتعظيم، وقوله: (نحن) هو المخصوص بالمدح. قوله: ﴿ وَأَهْلَهُ ﴾ أي من آمن به، ومنهم زوجته المؤمنة وأولاده الثلاثة وزوجاتهم. قوله: (فالناس كلهم من نسله) هذا هو المعتمد، وقيل كان لغير ولد نوح أيضاً نسل. قوله: (سام) إلخ، الثلاثة بمنع الصرف للعلمية والعجمة وفارس، كذلك للعلمية والتأنيث، لأنه علم على قبيلة. قوله: (والخزر) بفتح الخاء والزاي بعدهما راء مهملة، وهكذا في النسخ الصحيحة وهو الصواب، وفي بعض النسخ: والخزرج، وهو تحريف فاحش، لأن الخزرج من جملة العرب، والخزر صنف من الترك صغار الأعين، يعرفون الآن بالطرر. قوله: (وما هنالك) أي وهم قوم عند يأجوج ومأجوج، إذا طلعت عليهم الشمس، ودخلوا في أسراب لهم تحت الأرض، فإذا زالت عنهم، خرجوا إلى معايشهم وحروثهم، وقيل: هم قوم عراة، يفرش بعضهم إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى. قوله: (ثناء حسناً) قدره إشارة إلى أن مفعول ﴿ تَرَكْنَا ﴾ محذوف، وقوله: ﴿ سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ ﴾ كلام مستقل انشاء، ثناء من الله تعالى عن نوح، فالأول ثناء الخلق، والثاني ثناء الخالق، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من قال حين يمسي: سلام على نوح في العالمين، لم تلدغه عقرب "قوله: ﴿ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ متعلق بما تعلق به الجار قبله، والمراد بالعالمين الملائكة والثقلان. قوله: ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ تعليل لما فعل بنوح من الكرامة، في إجابة دعائه، وإبقاء ذريته، وذكر الجميل، وتسليم الله عليه في العالمين، أي فهذا الجزاء سنتنا في كل من اتصف بالإحسان كنوح. قوله: ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ علة لكونه محسناً، وفيه إجلال لشأن الإيمان، وإظهار لفضله، وترغيب في تحصيله والثبات عليه والازدياد منه. قوله: ﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ ﴾ معطوف على ﴿ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ ﴾ فالترتيب حقيقي، لأن نجاتهم بركوب السفينة، حصلت قبل غرق الباقين فتدبر.


الصفحة التالية
Icon