قوله: ﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ ﴾ إلخ عطف على قوله: ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ ﴾ عطف قصة على قصة. قوله: (أي ممن اتبعه) إلخ، أي فالشيعة الأتباع والحزب. قوله: (في أصل الدين) أي وإن اختلفت فروع شرائعهما، فالأتباع في أصول الدين وهو التوحيد، لا في الفروع كالصلاة مثلاً. قوله: (وإن طال الزمان) إلخ، الجملة حالية، والمعنى أنه من أتباعه على عهده، والحال أن الزمان طال بينهما، فطول المدة لم ينسه العهد. قوله: (وهو ألفان) إلخ، هذا أحد قولين، والآخر أن بينهما ألف سنة ومائة واثنتين وأربعين سنة. قوله: (وكان بينهما هود وصالح) أي وكان قبل نوح ثلاثة: إدريس وشيت وآدم، فجملة من قبل إبراهيم من الأنبياء ستة. قوله: ﴿ إِذْ جَآءَ رَبَّهُ ﴾ إلخ، معنى مجيئه توجهه بقلبه مخلصاً لربه، وفي الكلام استعارة تبعية تقريرها أن تقول: شبه إقباله على ربه مخلصاً قلبه بمجيئه بتحفة جميلة، والجامه بينهما طلب الفوز بالرضا، واشتق من المجيء جاء بمعنى أقبل بقلبه. قوله: (أي تابعه وقت مجيئه) أشار بذلك إلى أن الظرف متعلق بمحذوف دل عليه قوله: ﴿ شِيعَتِهِ ﴾ ويصح جعله متعلقاً بشيعته، لما فيها من معنى المشايعة، لكن فيه أنه يلزم عليه الفصل بينه وبين معموله بأجنبي وهو قوله: ﴿ لإِبْرَاهِيمَ ﴾ وأيضاً يلزم عليه عمل ما قبل اللام الابتدائية فيما بعدها، وأجيب: بأنه يتوسع في الظروف، ما لا يتوسع في غيرها. قوله: (من الشك وغيره) أي من الآفات والعلائق التي تشغل القلب عن شهود الرب تعالى. قوله: ﴿ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ﴾ تقدم الخلاف في كونه أبا حقيقة أو عمه، وإنما عبر بالأب، لأن العم أب، والمراد بقومه النمروذ وجماعته. قوله: (في همزتيه ما تقدم) أي وهو تحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بألف بينهما وتركها. قوله: (وإفكاً مفعول له) أي وقدم على المفعول به، لأجل التقبيح عليهم بأنهم على إفك وباطل. قوله: (أي تعبدون غير الله) كان عليه أن يزيد قوله لأجل الافك، ليوفي بالمفعول لأجله. قوله: (إذا عبدتم غيره) أي وقت عبادتكم غيره. قوله: (أن يترككم بلا عقاب) معمول للظن، والمعنى: أي سبب حملكم على ظنكم أنه تعالى يترككم بلا عقاب حين عبدتم غيره، وأشار بقوله: (لا) إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي ليس لكم سبب ولا عذر، يحملكم على الظن المذكور، إذا انتفى السبب، انتفى المسبب بالأولى. قوله: (وكانوا نجَّامين) ذكر هذا توطئة لقوه تعالى: ﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ ﴾.
قوله: (فخرجوا إلى عيد لهم) أي وكانوا في قرية بين البصرة والكوفة يقال لها هرمز. قوله: (زعموا التبرك عليه) أي أنها تتنزل عليه البركة. قوله: ﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ ﴾ أي في علم النجوم، متفكراً في أمر يعذرونه بسببه فيتركونه قوله: (أي سأسقم) جواب عما يقال: كيف قال: ﴿ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ والحال أنه لم يكن سقيماً؟ وأجيب أيضاً: بأن المعنى سقيم القلب، من عبادتكم ما لا يضر ولا ينفع، وقد أشار بقوله: ﴿ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ إلى سقم مخصوص وهو الطاعون، وكان الطاعون أغلب الأسقام عليهم، وكانوا يخافون منه العدوى، فتفرقوا عن إبراهيم خوفاً منها، فهربوا إلى عيدهم، وتركوه في بيت الأصنام، قوله: (وهي الأصنام) أي وكانت اثنين وسبعين صنماً، بعضها من حجر، وبعضها من خشب، وبعضها من ذهبن وبعضها من فضة، وبعضها من نحاس، وبعضها من حديد، وبعضها من رصاص، وكان كبيرها من ذهب مكللاً بالجواهر، وكان في عينيه ياقوتتان تتقدان نوراً. قوله: وعندها الطعام) الجملة حالية. قوله: ﴿ فَقَالَ ﴾ (استهزاء بهم) إن قلت: أي فائدة في خطاب ما لا يعقل؟ أجيب: بأنه لعل عنده من يسمع كلامه من خدمتها أو غيرهم. قوله: ﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ﴾ أي مال في خفية، من قولهم: راغ الثعلب روغاناً: تردد وأخذ الشيء خفية. قوله: (بالقوة) أي القدرة. قوله: ﴿ فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ ﴾ مرتب على محذوف قدره المفسر بقوله: (فبلغ قومه) إلخ. قوله: ﴿ يَزِفُّونَ ﴾ بكسر الزاي مع فتح الياء أو ضمها قراءتان سبعيتان. قوله: (فقالوا نحن نعبدها) إلخ، أي بعد ما سألوه وأجابهم، فلما تحققوا أنه هو الذي كسرها قالوا: (نحن نعبدها) إلخ، وقد تقدم بسط ذلك في الأنبياء. قوله: (موبخاً) أي على ما وقع منهم، ولا تضر ولا تنفع. قوله: (وما مصدرية) إلخ، ذكر فيها ثلاثة أوجه، وبقي اثنان كونها استفهامية، والمعنى: وأي شيء تعلمونه وكونها نافية؟ والمعنى: ليس العمل في الحقيقة لكم، وإنما هو لله تعالى. قوله: ﴿ بُنْيَاناً ﴾ قيل بنوا له حائطاً من الحجر، طوله في السماء ثلاثون ذراعاً، وعرضه عشرون ذراعاً، وملأوه من الحطب، وأوقدوا عليه النار، ثم تحيروا في كيفية رميه، فعلمهم إبليس المنجنيق، فصنعوه ووضعوه فيه ورموه فيها، فصارت عليه برداً وسلاماً. قوله: (وأضرموه بالنار) أي أوقدوه بها. قوله: (النار الشديدة) أي فكل نار بعضها فوق بعض تسمى جحيماً من الجحمة، وهي شدة التأجج. قوله: (المقعورين) أي بإبطال كيدهم، حيث جعلت عليه برداً وسلاماً.