قوله: ﴿ وَأَبْصِرْهُمْ ﴾ (إذا نزل بهم العذاب) أي من القتل والأسر، والمراد بالأمر: الدلالة على أن ذلك قريب كأنه واقع مشاهدة. قوله: (عاقبة كفرهم) أي من نزول العذاب بساحتهم. قوله: (تهديداً لهم) أي فليس الاستفهام على حقيقته، بل المقصود تهديدهم. قوله: (تكتفي بذكر الساحة) أي تستغني على سبيل الكفاية، فالمعنى: فإذا نزل بهم العذاب، فشبه العذاب بجيش هجم عليهم، فأناخ بفنائهم بغتة وهم في ديارهم، ففي ضمير العذاب استعارة بالكناية، والنزول تخييل. قوله: (بئس صباحاً) أشار بهذا إلى أن الفاعل ضمير، والتمييز محذوف، والمذكور مخصوص، والأوضح ما قاله غيره، من أن المذكور هو الفاعل، والمخصوص محذوف، وعليه فالتقدير: بئس صباح المنذرين صباحهم. قوله: (فيه اقامة الظاهر مقام المضمر) أي في التعبير بالمنذرين، وكان مقتضى الظاهر أن يقال صباحهم. قوله: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ ﴾ إلخ، الغرض منه تعليم المؤمنين أن يقولوه ولا يغفلوا عنه، لما روي عن علي كرم الله وجهه قال: من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة، فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ إلخ، وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ * وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾.
قوله: ﴿ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ ﴾ أضيف الرب إلى العزة لاختصاصه بها، كأنه قيل: ذي العزة، وقيل: المراد العزة المخلوقة الكائنة بين خلقه، ويترتب على كل من القولين مسألة اليمين، فعلى الأول ينعقد بها اليمين، لأنها من صفات الله تعالى، وعلى الثاني لا ينعقد، لأنها من صفات المخلوق. قوله: ﴿ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم.