قوله: ﴿ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً ﴾ إلخ، والمعنى: اضرب يا محمد لقومك هذا المثل، واذكره لهم لعلهم يؤمنون قوله: ﴿ مُتَشَاكِسُونَ ﴾ التشاكس التخالف والتشاجر مع سوء الخلق، ومثل التشاخس بخاء معجمة بدل الكاف. قوله: ﴿ وَرَجُلاً سَلَماً ﴾ بألف بعد السين مع كسر اللام، وتركها مع فتح السين واللام، قراءتان سبعيتان. فالأولى اسم فاعل، والثانية مصدر وصف به على سبيل المبالغة، وقرئ شذوذاً بكسر السين وسكون اللام. قوله: ﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ﴾ الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: (تمييز) أي محول عن الفاعل، والمعنى لا يستوي مثلهما وصفتهما. قوله: (أي لا يستوي العبد لجماعة) هذا هو المثل المحسوس للمشرك الذي يعبد غير الله، فقوله: (لجماعة) أي سيئة اخلاقهم، وقوله: (والعبد لواحد) هذا هو المحسوس للموحد الذي يعبد الله وحده، وقوله: (فإن الأول) إلخ، تقرير للمثل الأول، ولم يتعرض للثاني لوضوحه. قوله: ﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ﴾ أي على عدم استواء هذين الرجلين. قوله: ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي مع بيان ظهوره، وهو اضراب انتقالي من بيان عد الاستواء على الوجه المذكور، إلى بيان أن أكثر الناس لا يعلمون ذلك. قوله: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ ﴾ العامة على التشديد وهو من سيموت، وأما الميت بالتخفيف فهو من فارقته الروح بالفعل. قوله: (فلا شماتة بالموت) الشماتة الفرح ببلية العدو. قوله: (نزلت لما استبطؤوا موته) إلخ، أي وذلك أنهم كانوا ينتظرون موته، فأخبر الله تعالى بأن الموت يعمهم، فلا معنى لشماتة الفاني بالفاني. قوله: (أيها الناس) أي مؤمنكم وكافركم، وقوله: ﴿ تَخْتَصِمُونَ ﴾ أي يخاصم بعضكم بعضاً، فيقتص للمظلوم من الظالم، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم ولا متاع له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا؛ وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار "قوله: (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: ﴿ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ ﴾ أي ومن جملة الكذب على الله، الكذب على رسوله، بأن يقول مثلاً: قال رسول الله كذا، أو هذا، شرعه، والحال أنه لم يكن قاله، ولم يكن شرعه. قوله: ﴿ إِذْ جَآءَهُ ﴾ ظرف لكذب بالصدق، والمعنى كذب بالصدق وقت مجيئه. قوله: (بلى) أشار بذلك إلى أن الاستفهام تقريري، والمعنى ﴿ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴾ لأن (بلى) يجاب بها النفي ويصيره إثباتاً كما تقدم. قوله: (فالذي بمعنى الذين) أي بالنسبة للصلى الثانية، ولذا روعي معناه، فجمع في قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ ﴾ وروعي لفظه في قوله: ﴿ جَآءَ ﴾ و ﴿ صَدَّقَ ﴾ قوله: ﴿ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ ﴾ أي كل ما يشتهون من وقت حضور الموت، كالمن من الفتانات عنده، ومن فتنة القبر وعذابه، ومن هول الموقف إلى غير ذلك. قوله: (لأنفسهم) متعلق بالمحسنين، وفيه إشارة إلى إحسان الإنسان لنفسه، وثمرته عائدة عليها، فلا يعود على الله نفع محسن، ولا ضر مسيء، تعالى الله عنه، والإحسان للنفس، يكون بطاعة الله والالتجاء إليه وبذل المعروف للخلق محبة في الخالق، وبهذا تكون النفس عزيزة: ومن أعز نفسه أعزه الله. وبضدها تتميز الأشياء.


الصفحة التالية
Icon