قوله: ﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ ﴾ الخ، هذه الآية وما بعدها تفصيل لما أجمل في قوله:﴿ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ ﴾[الزمر: ٧٠].
قوله: (بعنف) أي شدة، لأنهم يضربون من خلف بالمقامع، ويسبحون من أمام بالسلاسل والأغلال. قوله: ﴿ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ﴾ المراد دار العذاب بجميع طبقاتها. قوله: ﴿ زُمَراً ﴾ جمع زمرة من الزمر وهو الصوت، سموا بذلك لأن الجماعة لا تخلو غالباً عنه. قوله: (جماعات متفرقة) أي فوجاً فوجاً كما في آية﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ ﴾[الملك: ٨] والمعنى كل أمة على حدة. قوله: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا ﴾ ﴿ حَتَّىٰ ﴾ ابتدائية تبدأ بعدها بالجمل. قوله: ﴿ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ أي ليتلقوا حرارتها بأنفسهم. قوله: (جواب إذا) أي باتفاق. قوله: ﴿ رُسُلٌ مِّنكُمْ ﴾ أي من جنسكم. قوله: (القرآن) أي بالنسبة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله: (وغيره) أي بالنسبة لبقية الأمم. قوله: ﴿ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ﴾ أضاف اليوم لهم باعتبار انحصار شدته فيهم، وليس المراد به يوم القيامة جميعه، فإنه مختلف باعتبار الأشخاص، فيكون نعيماً وسروراً للمؤمنين، وشدة وعذاباً للكافرين. قوله: ﴿ قَالُواْ بَلَىٰ ﴾ إقرار بما وقع منهم، وإنما أنكروا حين سألهم الله تعالى طمعاً في النجاة، فلما قامت الحجج عليهم، وتحتم الأمر بعذابهم، رأوا أن الإنكار لا فائدة فيه فأقروا، وبالجملة فالقيامة مواطن، تارة ينكرون وتارة تقر أعضاؤهم، وتارة يقرون بألسنتهم. قوله: ﴿ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ ﴾ أظهر في محل الإضمار، اشارة لسبب استحقاقهم العذاب وهو الكفر. قوله: (مقدرين الخلود) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ خَالِدِينَ ﴾ حال مقدرة، وذلك لأنهم عند الدخول ليسوا خالدين، وإنما هم منتظرون ومقدرون الخلود. قوله: ﴿ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ ﴾ أظهر في محل الإضمار، إشارة إلى بيان سبب كفرهم الذي استحقوا به العذاب، وقوله: (جهنم) هو المخصوص بالذم. قوله: ﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ ﴾ أخر وعد المؤمنين ليحسن اختتام السورة به، ليكون آخر الكلام بشرى المؤمنين. قوله: (بلطف) أشار بذلك إلى أن السوق في الموضعين مختلف، فسوق الكفار سوق إهانة وانتقام، وسوق المؤمنين سوق تشريف وإكرام، وفي المعنى: سوق المؤمنين مختلف، فسوق الكفار سوق إهانة وانتقام، وسوق المؤمنين سوق تشريف وإكرام، وفي المعنى: سوق المؤمنين سوق مراكبهم، لأنهم يذهبون راكبين، فيسرع بهم إلى دار الكرامة والرضوان، فشتان ما بين السوقين، وهذا من بديع الكلام، وهو أن يؤتى بكلمة واحدة تدل على الهوان في حق جماعة، وعلى العز والرضوان في حق آخرين. قوله: ﴿ زُمَراً ﴾ أي جماعات على حساب قربهم ومراتبهم. قوله: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا ﴾ ﴿ حَتَّىٰ ﴾ ابتدائية. قوله: (الواو فيه للحال) والحكمة في زيادة الواو هنا دون التي قبلها، أن أبواب السجن مغلقة، إلى أن مجيئها صاحب الجريمة، فتفتح له ثم تغلق عليه، فناسب ذلك عدم الواو فيها، بخلاف أبواب السرور والفرح، فإنها تفتح انتظاراً لمن يدخلها. قوله: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا ﴾ عطف على قوله: ﴿ جَآءُوهَا ﴾.
قوله: ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ ﴾ أي سلمتم من كل مكروه، وقوله: ﴿ طِبْتُمْ ﴾ أي طهرتم من دنس المعاصي، لما ورد: أنه على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان، يشرب المؤمنون من إحداهما، فتطهر أجوافهم، وذلك قوله تعالى:﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾[الإنسان: ٢١] ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أجسادهم، فعندها يقول لهم خزنتها ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾.
قوله: (وجواب إذا مقدر) هذا أحد أقوال ثلاثة، وقيل: إن جوابها قوله: ﴿ وَفُتِحَتْ ﴾ والواو زائدة، وقيل: هو قوله: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا ﴾ والواو زائدة. قوله: (وسوقهم) مبتدأ و (تكرمة) خبره، وكذا ما بعده.


الصفحة التالية
Icon