قوله: ﴿ ٱلْعَزِيزِ ﴾ (في خلقه) أشار إلى أنه من عز، بمعنى قهر وغلب. قوله: ﴿ غَافِرِ ٱلذَّنبِ ﴾ أي ماحيه من الصحف. واعلم أن غافر وغفار وغفور، صيغ نسب على الصحيح، لأن أوصافه على لا تفاوت فيها، بخلاف أوصاف الحوادث. قوله: ﴿ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ ﴾ أتى بالواو إشارة إلى أنه تعالى يجمع للمؤمنين بين محو الذنوب وقبول التوبة، فلا تلازم بين الوصفين بل بينهما تغاير، إذ يمكن محو الذنوب من غير توبة، ويمكن قبول التوبة في بعض الذنوب دون بعض. قوله: (مصدر) وقيل جمع توبة كدوم ودومة. قوله: (للكافرين) أي وأما العصاة وإن عوقبوا، فلا يعاملهم الله بالشدة. قوله: (أي الإنعام الواسع) وقيل: ﴿ ٱلطَّوْلِ ﴾ بالفتح المن، وقيل: هو الغني والسعة، وكلها ترجع لما قال المفسر. قوله: (وهو موصوف على الدوام) الخ، هذه العبارة جواب عما يقال: إن الصفات الثلاث التي هي غافر وقابل وشديد مشتقات وإضافة المشتق لا تفيده تعريفاً، فكيف وقعت صفات للمعرفة التي هي لفظ الجلالة؟ فأجاب المفسر: بأن محل ذلك لم يقصد بالمشتق الدوام. وإلا تعرف بالإضافة نظير ما قيل في﴿ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ ﴾[الفاتحة: ٤].
وأجيب أيضاً بأن الكل إبدال وهو لا يشترط فيه التبعية في التعريف. قوله: ﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ﴾ يصح أن يكون حالاً، لأن الجمل بعد المعارف أحوال، ويصح أن يكون مستأنفاً. قوله: ﴿ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾ أي فيجازي كل واحد بعمله. قوله: ﴿ مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ ﴾ أي في إبطالها والطعن فيها، وهذا هو الجدال المذموم، وأما الجدال في نصر آيات الله بالحجج القاطعة الذي هو وظيفة الأنبياء ومن على قدمهم فهم ممدوح، ومنه قوله تعالى﴿ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾[النحل: ١٢٥].
قوله: ﴿ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ ﴾ الخ، الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره: إذا علمت أنهم كفار فلا تحزن، ولا يغررك إمهالهم، فإنهم مأخوذون عن قريب، وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ﴾ أي قبل أهل مكة، وهو تسلية له صلى الله عليه وسلم أيضاً. قوله: ﴿ مِن بَعْدِهِمْ ﴾ أي من بعد قوم نوح. قوله: ﴿ لِيَأْخُذُوهُ ﴾ أي يتمكنوا من إصابته بما أرادوه به. قوله: (أي هو واقع موقعه) أي فهو عدل منه سبحانه وتعالى.


الصفحة التالية
Icon