قوله: ﴿ وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ ﴾ الخ، أتى بالواو في النداء الأول والثالث، لأن كلام مستقل مستأنف، وتركها من الثاني لأنه من تعلقات الكلام الأول، والعطف يقتضي المغايرة، وقوله: ﴿ مَا لِيۤ ﴾ أي أي شيء ثبت لي، فما مبتدأ، والجار والمجرور خبر عنه، وقوله: ﴿ أَدْعُوكُـمْ ﴾ حال، والاستفهام للتعجب، ومحط العجب هو قوله: ﴿ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ ﴾ كأنه قال: أعجب من هذه الحال، أدعوكم إلى النجاة والخير، وتدعونني إلى النار والشر. قوله: ﴿ تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ ﴾ الخ، هذا بدل من قوله: ﴿ تَدْعُونَنِي ﴾ الأول، بدل مفصل من مجمل. قوله: ﴿ مَا لَيْسَ لِي بِهِ ﴾ أي بوجوده، والمراد نفي المعلوم من أصله. قوله: ﴿ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ ﴾ راجع لقوله: ﴿ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ ﴾.
قوله: ﴿ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ ﴾ أي إلى عبادته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه. قوله: ﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ ﴿ لاَ ﴾ نافية، و ﴿ جَرَمَ ﴾ فعل ماض بمعنى حق، وقوله: ﴿ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ ﴾ فاعله، والمعنى حق ووجب عدم استجابة آلهتكم. قوله: (حقاً) مفعول لمحذوف دل عليه ﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ والمعنى حق ما تدعونني إليه حقاً، وهي كلمة في الأصل بمنزلة لا بد، ثم تحولت إلى معنى القسم. قوله: ﴿ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ ﴾ ما اسم موصول، فحقها أن تفصل من النون، وإنما وصلت بها تبعاً للمصحف. قوله: (أي استجابة دعوة) أي لا شفاعة لها دنيا ولا أخرى، وقيل: المعنى ليست له دعوة إلى عبادته، لأن الأصنام لا تدعي الربوبية، ولا تدعو إلى عبادة نفسها، وفي الآخرة تتبرأ من عبادها. قوله: ﴿ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ ﴾ أي من النصيحة. قوله: (توعدوه) أي ففر هارباً إلى جبل، فأرسل فرعون خلفه ألفاً ليقتلوه، فوجدوه يصلي والوحوش صفوف حوله، فأكلت السباع بعضهم، ورجع بعضهم هارباً، فقتله فرعون. قوله: ﴿ فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ ﴾ أي شدائد مكرهم، وقد نجى الله تعالى ذلك الرجل مع موسى من الغرق أيضاً. قوله: (قومه معه) أي ولم يصرح به، لأنه أولى منهم بذلك.