قوله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ﴾ مقول القول قوله: ﴿ آمِنُواْ ﴾ وهو نائب الفاعل وفاعل القول قيل الله وقيل النبي وأصحابه كما نقدم. قوله: (أصحاب النبي) أشار بذلك إلى أن أل من الناس للعهد العلمي الخارجي ويحتمل أن تكون أل للكمال أي الناس الكاملون. قوله: ﴿ قَالُوۤاْ ﴾ أي فيما بينهم وإلا فلو قالوا ذلك جهاراً لظهر كفرهم وقتلوا. قوله: (الجهال) أي بناء على أن السفه ما قابل العلم، ويصح أن المراد به نقص العقل بناء على أنه ما قابل الحلم، فإن الصحابة أنفقوا أموالهم في سبيل الله حتى افتقروا وتحملوا المشاق فسموهم سفهاء لذلك. قوله: (ردا عليهم) أي بجملة مؤكدة بأربع تأكيدات كالأولى. قوله: ﴿ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ (ذلك) أي السفه أو علم النبي بسفههم، وعبر هنا بالعلم إشارة إلى أن السفه معقول بخلاف الفساد فإنه مشاهد، فلذلك عبر هنا بالعلم وهناك بالشعور. قوله: ﴿ وَإِذَا لَقُواْ ﴾ سبب نزول الآية، أن أبا بكر وعمر وعلياً توجهوا لعبد الله بن أبي بن سلول لعنه الله فقال له أبو بكر هلم أنت وأصحابك وأخلص معنا، فقال له مرحباً بالشيخ والصديق ولعمر مرحباً بالفاروق القوي في دينه، ولعلي مرحباً بابن عم النبي، فقال له علي: أتق الله ولا تنافق، فقال ما قلت ذلك إلا لكون إيماني كإيمانكم، فلما توجهوا قال لجماعته: إذا لقوكم فقولوا مثل ما قلت فقالوا: لم نزل بخير ما عشت فينا، وإذا ظرف منصوب بقالوا. قوله: (أصله لقيوا) أي على وزن شربوا. قوله: (حذفت الضمة) لم يكمل التصريف وتمامه ثم ضمت القاف للمناسبة. قوله: (منهم) أشار بذلك إلى أن متعلق خلا محذوف، وقوله: ﴿ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ ﴾ متعلق بمحذوف أيضاً قدره المفسر بقوله: (ورجعوا) ويحتمل كما قال البيضاوي إن خلا بمعنى الفرد، وإلى بمعنى مع، أي انفردوا مع شياطينهم ولا حذف فيه، وأصل خلوا خلووا بواوين الأول لام الكلمة والثانية علامة الإعراب قلبت لام الكلمة ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فبقيت ساكنة، وبعدها واو الضمير سكانة فحذفت لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة دالة عليها. قوله: (رؤسائهم) إنما سمو شياطين لأن كل رئيس منهم معه شيطان يوسوس له ويعلمه المكر، وقيل لأنهم كالشياطين في الإغواء ورؤساؤهم في ذلك الوقت خمسة: كعب بن الأشرف في المدينة، وعبد الدار في جهينة، وأبو بردة في بني أسلم وعوف بن عامر في بني أسد، وعبد الله بن الأسود في الشام، قوله: (يجازيهم باستهزائهم) إنما سمى المجازاة استهزاء من باب المشاكلة، والإستهزاء الإستخفاف بالشيء. قوله: (يمهلهم) أتى بذلك دفعاً لما يتوهم من أن المجازاة واقعة حالاً، وحكمة الإمهال مذكورة في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً ﴾[آل عمران: ١٧٨] إلى غير ذلك من الآيات. قوله: (بالكفر) الباء سببية أي تجاوزهم الغاية بسبب الكفر. قوله: (حال) أي جملة يعمهون وهي إما حال من الهاء في يمدهم أو من الهاء في طغيانهم، والمراد بالعمة عدم معرفة الحق من الباطل، فمنهم من يظهر له وجه الحق ويكفر عناداً، ومنهم من يشك في الحق ويقال له عمى أيضاً، فبين العمة والعمى عموم وخصوص مطلق يجمعان في طمس القلب وينفرد العمى بفقد البصر. قوله: (تحيراً) إما مفعول لأجله أو تمييز. قوله: (استبدلوها به) أشار بذلك إلى أن المراد بالشراء مطلق الإستبدال، والباء داخلة على الثمن، والمراد بالضلالة الكفر وبالهدى الإيمان وكلامه يقتضي أن الهدى كان موجوداً عندهم ثم دفعوه وأخذوا الضلالة، وهو كذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:" كل مولود يولد على الفطرة حتى يهودانه أبواه "الحديث، ولأنهم في العهد يوم (ألست بربكم) أجابوا بالإيمان جميعاً. قوله: (أي ما ربحوا فيها) أشار بذلك إلى أن إسناد الربح للتجارة مجاز عقلي وحقه أن يسند للتجر. قوله: (بل خسروا) أي الربح ورأس المال جميعاً خسراناً دائماً فقوله: (لمصيرهم) علة له. فمثلهم كمثل من عنده كنز عظم ينفع في الدنيا والآخرة استبدله بالنار لأن الضلالة سبب النار.