قوله: ﴿ فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ﴾ هذا تسلية من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، ووعد حسن بالنصر له على أعدائه. قوله: (بعذابهم) أي وسمي وعداً، بالنظر لكونه نصراً للنبي، فهو في الحقيقة وعد ووعيد. قوله: (فيه) خبر مقدم و (إن الشرطية) مبتدأ وخبر، وقوله: (مدغمة) حال من (إن) ولم يذكر المدغم فيه وهو (ما) الزائدة)، وقوله: (تؤكد معنى الشرط) أي التعليق، وقوله: (أول الفعل) حال من (ما) الزائدة، والمعنى: حال كونها واقعة في أول فعل الشرط، وقوله: (والنون تؤكد) أي تؤكد الفعل، فحذف المؤكد بالفتح، وقوله: (آخره) حال من النون، أي حال كونها واقعة في آخر الفعل، فتحصل أن هنا مؤكدين بالكسر وهما: ما والنون، ومؤكدين بالفتح وهما: التعليق وفعل الشرط. قوله: ﴿ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ ﴾ مفعول ﴿ نُرِيَنَّكَ ﴾ الثاني؛ والكاف مفعول أول. قوله: (وجواب الشرط) أي الأول. قوله: ﴿ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾ عطف على قوله: ﴿ نُرِيَنَّكَ ﴾.
قوله: (فالجواب المذكور للمعطوف فقط) أي ولا يصح أن يكون جواباً عن الأول، لأن من المعلوم أن جواب الشرك مسبب عن فعله، ولا يحسن أن يكون انتقام الله منهم في الآخرة، مسبباً عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم تعذيبهم في الدنيا، وفي الحقيقة قوله: ﴿ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ دليل الجواب، والجواب محذوف أيضاً، والتقدير فلا يفوتهم. قوله: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ ﴾ الخ، هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم، كأن الله تعالى يقول له: إنا قد أرسنا رسلاً؛ وآتيناهم معجزات؛ وجالدهم قومهم، وصبروا على أذاهم، فتأسَّ بهم، وقوله: ﴿ رُسُلاً ﴾ المراد بهم ما يشمل الأنبياء. قوله: ﴿ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ ﴾ أي ذكرنا لك قصصهم وأخبارهم في القرآن، وهم خمسة وعشرون. قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾ أي لم نذكر لك قصصهم في القرآن، تخفيفاً ورحمة بأمتك، لئلا يعجزوا عن حفظه، وبهذا التقدير اندفع ما قد يتوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم مساو لأمته في عدم علك ما عدا الخمسة والعشرين، فتحصل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج من الدنيا، حتى علم جميع الأنبياء تفصيلاً، كيف لا، وهم مخلوقون منه، وصلوا خلفه ليلة الإسراء في بيت المقدس؟ ولكنه من العلم المكتوم، وإنما ترك بيان قصصهم للأمة رحمة بهم، فلم يكلفهم إلا بما يطيقون. قوله: (روي) في عبارة غيره، قيل: والصحيح ما روي عن أبي ذر قال:" قلت يا رسول الله، كم عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً ". قوله: ﴿ كَانَ لِرَسُولٍ ﴾ أي ما صد وما استقام. قوله: ﴿ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾ أب بإرادته. قوله: (مربوبون) أي مملوكون، والمملوك لا يستطيع أن يأتي بأمر إلا بإذن سيده، وهذا رد على قريش حيث قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنما الصفا ذهباً، وغير ذلك مما تقدم تفصيله في سورة الإسراء. قوله: ﴿ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾ أي حكمة وقضاؤه، والمعنى ظهر وبرز حكمه بنزول العذاب بهم. قوله: ﴿ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ ﴾ الحكمة في ختم هذه الآية بالمبطلون، وختم السورة بالكافرون، أنه ذكر هنا الحق، فكان مقابلته بالباطل أنسب، وهماك ذكر الإيمان، فكان مقابلته بالكفر أنسب. قوله: (أي ظهر القضاء) الخ، دفع بذلك ما يقال: إنهم خاسرون من قبل يوم القيامة، فأجاب: بأن المراد ظهر الأمر الذي كان مخفياً. قوله: (قيل الإبل خاصة) أي لأنها هي التي يوجد فيها جميع المنافع الآتية.


الصفحة التالية
Icon