قوله: ﴿ فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ﴾ إن قلت: إن النار مأوى لهم صبروا أولاً، فما وجه التقييد بالصبر؟ وأجيب: بأن في الآية حذفاً، والتقدير: فإن يصبروا أو لا يصبروا، فالنار مثوى لهم، وإنما حذف المقابل للعلم به، لأنه إذا كانت لهم النار مع الصبر، فهي لهم مع عدمه بالأولى، بخلاف الدنيا، فإن الإنسان مع الصبر، ربما تخفف مصيبته أو يعوض خيراً ومع عدمه يزاد فيها ويغضب الله عليه. قوله: (أي الرضا) وقيل العتبى الرجوع إلى ما يحبون. قوله: (المرضيين) أي المرضي عليهم. قوله: ﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ ﴾ أي لكفار مكة ومعنى (سببنا) هيأنا وبعثنا سببنا لهم قرناء يلازمونهم ويستولون عليهم استيلاء القيض وهو قشر البيض على البيض. قوله: ﴿ فَزَيَّنُواْ لَهُم ﴾ أي من القبائح. قوله: ﴿ مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ (من أمر الدنيا) إلخ، وقيل: ما بين أيديهم من أمر الآخرة، وما خلفهم من أمر الدنيا، قال القشيري: إذا أراد الله بعبد سوءاً، قيض له إخوان سوء، وقرناء سوء، يحملونه على المخالفات، ويدعونه إليها، ومن ذلك الشيطان، وأشر منه النفس ويئس القرين، يدعوه اليوم إلى ما فيه الهلاك، ويشهد عليه غداً؛ وإذا أراد الله بعبد خيراً، قيض له قرناء خير يعينونه على الطاعة، ويحملونه عليها، ويدعونه إليها، وفي الحديث:" إذا أراد الله بعبد شراً، قيض له قبل موته شيطاناً، فلا يرةى حسناً إلا قبحه عنده، ولا قبيحاً إلا حسنه عنده "وعن عائشة قالت: إذا أراد الله بالوالي خيراً؛ جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد غير ذلك، جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما بعث الله نبي، وإلا استخلف من خليفة، إلا كانت له بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله تعالى ". قوله: ﴿ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ ﴾ أي ثبت وتحقق. قوله: ﴿ فِيۤ أُمَمٍ ﴾ حال من الضمير في ﴿ عَلَيْهِمُ ﴾ والمعنى كائنين في جملة أمم. قوله: ﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ صفة لأمم. قوله: (هلكت) المناسب أن يقول مضت. قوله: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ ﴾ تعليل لاستحقاقهم العذاب. قوله: ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أي من كفار مكة، وإنما قالوا ذلك، لأنه لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ، يستميل القلوب بقراءته، فيصغي إليها المؤمن والكافر، فخافوا أن يتبعه الناس. قوله: ﴿ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ ﴾ اللغو الكلام الذي لا فائدة فيه، وهو بفتح الغين في قراءة العامة من لغي كفرح وقرئ شذوذاً بضم الغين من لغا يلغو كدعا يدعو ومنه حديث أنصت فقد لغوت. قوله: (باللغط) بسكون الغين وفتحها، وهو كلام فيه جلبة واختلاط. قوله: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ أي في القول فإذا غلبتموه وسكت، لأنه لم يكن مأموراً حينئذ بقتالهم. قوله: (قال تعالى فيهم) أي في شأنهم. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أي استمروا على الكفر وماتوا عليه. قوله: (أي أقبح جزاء عملهم) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، دفعاً لما قد يتوهم، أنهم يجزون بنفس عملهم الذي عملوه في الدنيا كالكفر مثلاً، والمعنى أن المستهزئين برسول الله يجازون بأقبح جزاء أعمالهم، وفي هذه الآية وعيد لكل من يفعل اللغط في حال قراءة القرآن، ويشوش على القارئ ويخلط عليه، فإنه حرام بإجماع، إن لم يقصد إبطال النفع بالقرآن كراهة فيه، وإلا فهو كافر.