قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ﴾ إلخ، شروع في بيان حال المؤمنين، إثر بيان وعيد الكافرين. والمعنى: قالوا ربنا الله اعترافاً بربوبيته وإقراراً بوحدانيته. قوله: ﴿ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ ﴾ أي ظاهراً أو باطناً، بأن فعلوا المأمورات، واجتنبوا المنهيات، وداموا على ذلك إلى الممات، قال عمر بن الخطاب: الاستقامة إن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تزوغ زوغان الثعلب. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق. قوله: (عند الموت) أو عند الخروج من القبر، ولا مانع من الجمع، والمراد ملائكة الرحمة تأتيهم بما يشرح صدورهم، ويدفع عنهم الخوف والحزن. قوله: ﴿ أَلاَّ تَخَافُواْ ﴾ ﴿ أَنْ ﴾ مخففة من الثقيلة، أو مصدرية، أو مفسرة، وكلام المفسر يحتمل المعنيين الأولين، والخوف غم يلحق النفس، لتوقع مكروه في المستقبل، والحزن غم يلحقها لفوات نفع في الماضي. قوله: ﴿ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ﴾ أي وهي دار الكرامة التي فيها من النعيم الدائم والسرور، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قوله: ﴿ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ أي في الكتب المنزلة وعلى ألسنة الرسل. قوله: ﴿ نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ الخ، يحتمل أن يكون هذا من كلام الله تعالى، وهو ولي المؤمنين ومولاهم، ويحتمل أن يكون من كلام الملائكة. والمعنى: كنا أولياءكم في الدنيا، ونكون معكم في الآخرة، فلا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة. قوله: ﴿ مَا تَدَّعُونَ ﴾ من الدعاء بمعنى الطلب، وعو أعم من الأول. والمعنى: لكم كل ما تشتهون وكل ما تطلبون، ولو لم يكن مشتهى، كالرتب العلية والفضائل السنية. قوله: (منصوب بجعل مقدراً) ويصح أن يكون حالاً من قوله: ﴿ مَا تَدَّعُونَ ﴾.
قوله: ﴿ مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ﴾ متعلق يتدعون أو صفة لنزلاً، وخص هذين الوصفين دون شديد العقاب مثلاً، إشارة إلى مزيد السرور لهم وإكرمهم، وأنه تعالى يعاملهم بالمغفرة والرحمة، ويتجلى لهم بأوصاف الجمال، دون أوصاف الجلال.


الصفحة التالية
Icon