قوله: ﴿ فَمَآ أُوتِيتُمْ ﴾ ما الشرطية مفعول ثان لأوتيتم، والأول ضمير المخاطبين به نائب الفاعل، و ﴿ مِّن شَيْءٍ ﴾ بيان لما، وقوله: ﴿ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ جملة من مبتدأ وخبر جواب الشرط. قوله: (من أثاث الدنيا) أي منافعها من مأكل ومشرب وملبس ومنكح ومركب وغير ذلك، واحدة أثاثة، وقيل: لا واحد له من لفظه. قوله: (ثم يزول) أخذ من قوله: ﴿ مَتَاعُ ﴾ لأن المتاع هو ما يتمتع به تمتعاً ينقضي. قوله: ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ أي اتصفوا بالإيمان وماتوا عليه. قوله: ﴿ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ أي يعتقدون أن لا ملجأ لهم من الله إلا إليه، ولا ضار ولا نافع سواه، والتوكل بهذا المعنى شرط في صحة الإيمان، وأما إن أريد به تفويض الأمور إليه، والاعتماد عليه في جميع ما ينزل بالشخص، فليس شرطاً في صحته، بل هو وصف كامل الإيمان، وليس مراداً هنا، لأن ما عند الله من الثواب، يكون لعموم المؤمنين. قوله: (ويعطف عليه) أي على قوله: ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾.
قوله: ﴿ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ ﴾ هي كل ما ورد فيها حد أو وعيد. قوله: (من عطف البعض على الكل) مراده عطف الخاص على العام، لأن من الكبائر ما فيه الوعيد، ولا حد فيه، كالغيبة والنميمة والعجب والرياء. قوله: ﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ ﴾ إلخ ﴿ إِذَا ﴾ ظرف منصوب بيغتفرون مجرد عن معنى الشرط، و ﴿ مَا ﴾ صلة، و ﴿ هُمْ ﴾ مبتدأ، و ﴿ يَغْفِرُونَ ﴾ خبره، والجملة معطوفة على الصلة، والتقدير: والذين يجتنبون وهم يغفرون، عطف جملة اسمية على فعلية، ويصح أن تكون ﴿ إِذَا ﴾ شرطية، و ﴿ مَا ﴾ صلة، و ﴿ غَضِبُواْ ﴾ فعل الشرط و ﴿ هُمْ ﴾ تأكيد للواو، و ﴿ يَغْفِرُونَ ﴾ جواب الشرط، وأما جعل ﴿ هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ جملة من مبتدأ وخبر جواب الشرط فشاذ، لخلوه من الفاء، ولا ينبغي حمل التنزيل عليه، والمعنى: أن مكارم الأخلاق التجاوز والحلم عند حصول الغضب، ولكن يشترط أن يكون الحلم، غير مخل بالمروءة ولا واجباً، وإلا فالغضب مطلوب، كما إذا انتهكت حرمات الله، فالواجب الغضب لا الحلم، وعليه قول الإمام اشلافعي: من استغضب ولم يغضب فهو حمار، وقال الشاعر: إذ قيل حلم قل فللحلم موضع وحلم الفتى في غير موضعه جهلوبالجملة فكل مقام له مقال.